وأما النوع الآخر من الأحاديث؛ فسيأتي ذكر كل منها في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقد قال العلماء - كالبيهقي، وابن كثير، والعسقلاني -: ومعنى قولهم: «هذا السلام عليك قد عَلِمْناه»: هو ما علّمهم إياه في التشهد من قولهم: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته».
فهو دليل واضح على مشروعية الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول أيضاً؛ لوجود السلام عليه فيه. ويؤيد ذلك الأحاديثُ التي قبله.
وإلى هذا ذهب الشافعي رحمه الله - كما نص عليه في «الأم»«١/ ١٠٢ و ١٠٥» - وهو الصحيح عند أصحابه؛ كما صرح به النووي في «المجموع»«٣/ ٤٦٠»، ثم قال:«والصحيح أنها تُسَنُّ، وهو نص الشافعي في «الأم» و «الإملاء».
«واستظهره في «الروضة»«١/ ٢٦٣ - طبع المكتب الإسلامي».
وهو اختيار الوزير ابن هبيرة الحنبلي في «الإفصاح»؛ كما نقله ابن رجب في «ذيل الطبقات»«١/ ٢٨٠» وأ قره».
وقد عقد ابن القيم فصلاً خاصاً للصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول، وذكر اختلاف العلماء في ذلك، وساق أدلة المجيزين والمستحِبين، وهي بعض الأحاديث التي أوردناها في النوع الأول؛ كحديث ابن عمر، وبريدة؛ وقال:«وهذا يعم الجلوس الأول والآخر».
ثم ذكر لهم حجة أخرى؛ وهي الآية التي مر ذكرها مع كلام ابن القيم عليها، ثم قال:«ولأنه - يعني: التشهد الأول - مكانٌ شرع فيه التشهد، والتسليم على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فشرع فيه الصلاة عليه كالتشهد الأخير، ولأن التشهد الأول محل يستحب فيه ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فاستحب فيه الصلاة عليه؛ لأنه أكمل لذكره».
ثم ساق أدلة المانعين المخالفين، وليس فيها ما ينبغي الاشتغال بالإجابة عنه، إلا قولهم: إن التشهدَ الأولَ تخفيفُه مشروعٌ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس فيه؛ كأنه