للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفريقين -: «ولكن تخصيص التشهد الأخير بها مما لم يدل عليه دليل صحيح ولا ضعيف، وجميع هذه الأدلة التي استدل بها القائلون بالوجوب لا تختص بالأخير، وغاية ما استدلوا به على تخصيص الأخير بها حديث ابن مسعود هذا، وليس فيه إلا مشروعية التخفيف، وهو يحصل بجعله أخف من مقابله - أعني: التشهد الأخير -، وأما أنه يستلزم ترك ما دل الدليل على مشروعيته فيه؛ فلا، ولا شك أن المصلي - على أحد التشهدات، وعلى أخصر ألفاظ الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - «قلت: كالنوعين الأخيرين» - كان مسارعاً غاية المسارعة باعتبار ما يقع من تطويل الأخير؛ بالتعوذ من الأربع، والأدعية المأمور بمطلقها ومقيدها فيه».

وأما الجواب عن قولهم: إنه لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعل ذلك فيه؛ فهو المعارَضَةُ بأن يقال: كذلك لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعل ذلك في التشهد الأخير؛ أفيدل ذلك على عدم المشروعية؟ كلا.

وتوضيح ذلك: أن الأمور الشرعية تثبت إما بقوله - صلى الله عليه وسلم -، أو بفعله، أو بتقريره، وليس من الضروري أن تجتمع هذه الأمور الثلاثة في إثبات أمر واحد اتفاقاً.

وعليه؛ فهذه الأدلة التي سقناها، والتي سيأتي ذكرها - كما أنها تدل على مشروعية الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير؛ فكذلك - تدل على مشروعيتها في الجلوس الأول بعمومها وإطلاقها - كما تقدم -.

نعم؛ لو صح ما يقيد ذلك من الأدلة؛ لأخذنا بها؛ حملاً للمطلق على المقيد، ولكنه لم يصح - كما علمت -.

على أنه قد بقي علينا أن ننبه على بعض الروايات التي تصلح دليلاً على ذلك من حيث ظاهر معناها، وإن كانت لا تصلح لذلك من حيث ضعف سندها؛ وهي روايتان: الأولى: عن ابن مسعود قال: علَّمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد في وسط الصلاة وفي آخرها. .. الحديث وفيه: قال: ثم إن كان في وسط الصلاة؛ نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها؛ دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>