للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعروف عندهم الذي يلقفه ذهنهم، وإنما سألوا عن الصلاة الشرعية التي لا يمكنهم معرفتها من لغتهم، بل من طريق نبيهم؛ فأجابهم - صلى الله عليه وسلم - عما سألوا، وأمرهم بقوله: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد. .. » إلخ.

وكل عالم باللغة العربية - مهما كان ضليعاً فيها كهذا الذي نحن في صدد الرد عليه - لا يمكنه أن يستغني ألبتة عن بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - للكتاب؛ فإن اللغة وحدها لا تكفي في فهمه على الجادة والصواب؛ ألم تر أن الصحابة - وهم من هم في العربية - قد احتاجوا إلى السؤال عن كيفية الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -، كما سألوه غير ذلك؟ فقد أخرج الشيخان في «صحيحيهما»، والترمذي «٢/ ١٧٩ - طبع بولاق» وصححه، وأحمد «١/ ٤٤٤» عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ}؛ شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله! وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟ ».

فهذه القصة وغيرها دليل واضح على أنه قد يخفى على الصحابة أو بعضهم معنى بعض الآيات؛ فيسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيبينها لهم؛ فلا يجوز - إذن - استغراب صدور مثل هذا السؤال عنهم، وإنكار الأحاديث الصحيحة لمثل هذا الاستغراب - كما صنع النشاشيبي فيما سلف -.

وكتابه هذا الذي أسماه «الإسلام الصحيح»، كل الأبحاث التي فيه توحي بأن المؤلف لا يعتد بالسنة كثيراً، وإنما العمدة عنده القرآن، والقرآن فقط؛ ولذلك تراه يقول عن نفسه فيه «ص ٦٧»: «نحن مسلمون قرآنيون» وقد علمنا أن من مشرب هؤلاء «القرآنيين» ردَّ الأحاديث الصحيحة لأدنى شبهة، لا في صحتها من جهة إسنادها، ولكن لمخالفتها لأهوائهم وميولهم، وقد [سار] على نسقهم في هذا الكتاب؛ فرد أحاديث كثيرة صحيحة، قسم كبير منها في «الصحيحين»، نكتفي الآن بالإشارة إلى أماكنها من الكتاب؛ فانظر: «ص ٣٥ - ٣٦ و ٨٥ - ٨٦ و ١١٦ - ١١٧ و ١٤٢ و ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥٤ و ٢١٢ و ٢٤٠ - ٢٤١ و ٢٧٦ - ٢٧٧ و ٢٧٨».

<<  <  ج: ص:  >  >>