وبالتالي؛ فإن هذا القول لا ينفي مشروعية الصلاة على الآل استحباباً في الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -؛ ألا ترى أن هذا القائل - أعني: ابن تيمية - قد ذهب كغيره من العلماء قبله وبعده إلى مشروعية ذكر الآل في الصلوات الإبراهيمية - كما تراه في بعض ما نقلناه من كتابه «الفتاوى» فيما تقدم -، ولو كان عندي الآن كتابه «منهاج السنة»؛ لراجعت عبارته، ولتبين لنا غير ما ذكرنا. وكون الصلاة على الآل لم تذكر في الآية لا
يلزم منه عدم مشروعيتها؛ لثبوتها في السنة؛ «وذلك لأنه من المعلوم عند المسلمين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المبين لكلام رب العالمين؛ كما قال تعالى:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤].
فقد بين - صلى الله عليه وسلم - كيفية الصلاة عليه وفيها ذكر الآل، فوجب قبول ذلك منه؛ لقوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[الحشر: ٧]، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه» وهو مخرج في «تخريج المشكاة»«١٦٣ و ٤٢٤٧».
وقد جاء في كلامه شبهة له أخرى لا بد لنا من إزاحة الستار عنها؛ وهو قوله - بعد أن ساق الآية السابقة -: «فأي عربي فطن أو غبي لا يلقف ذهنه هذا الكلام سريعاً، وأن الصلاة كالسلام الذي قالوا: إنهم علموه. فكيف يسألون عن مثل ما لم يجهلوه، وهل يأمر رسول الله بغير ما أمر الله؟ ! ».
فهو يشير بهذا الكلام إلى رد أحاديث الصلاة على الآل؛ لأن منها - كما تقدم -: «هذا السلام قد عرفناه؛ فكيف الصلاة عليك؟ ». فهو يحيل الصحابة عن مثل هذا السؤال؛ لأن:«الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو دعاء». كما نقله هو في التعليق «ص ١٧٧». فإذ الأمر كذلك؛ فهذه الأحاديث غير صحيحة، وهذه مغالطة مكشوفة، وكلام خِطَابي لا حجة فيه، وإنما {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً}؛ وذلك لأن الصلاة في اللغة، وإن كان معناها ما ذكر؛ فذلك لا ينفي أن يكون لها معنى شرعي هو غير معناها اللغوي، أو يزيد عليه، ألا ترى أن قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} لا يمكن لمسلم أن يفهم معناه اللغوي؛ أي: الدعاء. فالصحابة رضي الله عنهم حين سألوا بقولهم: كيف الصلاة عليك؟ لم يقصدوا المعنى اللغوي