للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافه انتهى. إلا أنه يقال: كيف خفي حديث جابر والبراء على الخلفاء الراشدين والجمهور الأعظم من الصحابة والتابعين»!

قلت: هذا الاستفهام لا طائل تحته بعد أن صح الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - باعتراف المؤلف فلا يجوز تركه مهما كان المخالفون له في العدد والمنزلة فإن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما «يثبت بنفسه لا بعمل غيره من بعده» كما قال الإمام الشافعي على ما سبق في «المقدمة: القاعدة ١٤».

وإني لأستغرب جدا من المؤلف هذا القول لأنه لا يتفق في شيء مع الغرض الذي من أجله وضع كتابه هذا وهو «جمع المسلمين على الكتاب والسنة والقضاء على الخلاف وبدعة التعصب للمذاهب» كما نص هو عليه في «المقدمة» بل إن قوله هذا تأييد عملي للمقلدة الذين يردون أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الدعوى في أئمتهم (١).

أقول: هذا على افتراض أن ما ذكره المؤلف عن الخلفاء الراشدين من مخالفة الحديث ثابت عنهم وإلا فإني أقول: أين السند الصحيح بذلك عنهم؟ وهذا أقل ما يجب على من يريد أن يرد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمخالفة غيره له؟ !

وليس للمؤلف أي دليل أو سند في إثبات ذلك إلا اعتماده على ما ذكره النووي في «شرح مسلم» أنه: «ذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء يعني أكل لحم الجزور وممن ذهب إليه الخلفاء الأربعة الراشدون ... ».

وهذه الدعوى خطأ من النووي رحمه الله قد نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال في «القواعد النورانية» ص ٩:

«وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة أنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحوم الإبل فقد غلط عليهم إنما توهم ذلك لما نقل عنهم أنهم لم


(١) ثم رأيت المؤلف - جزاه الله خيرا - قد حذف من طبعته الجديدة للكتاب ١/ ٥٥ هذا الاستفهام تجاوبا منه مع إنكارنا إياه. أثابه الله. [منه]

<<  <  ج: ص:  >  >>