يكونوا يتوضؤون مما مست النار وإنما المراد أن كل ما مست النار ليس سببا عندهم لوجوب الوضوء والذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوضوء من لحوم الإبل ليس سببه مس النار كما يقال: كان فلان لا يتوضأ من مس الذكر وإن كان يتوضأ منه إذا خرج منه مذي».
قلت: ويؤيد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الطحاوي ١/ ٤١ والبيهقي ١/ ١٥٧ رويا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب أكلا خبزا ولحما فصليا ولم يتوضيا. ثم أخرجا نحوه عن عثمان والبيهقي عن علي.
فأنت ترى أنه ليس في هذه الآثار ذكر للحم الإبل البتة وإنما ذكر فيها.
اللحم مطلقا وهذا لو كان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوجب حمله على غير لحم الإبل دفعا للتعارض فكيف وهو عن غيره - صلى الله عليه وسلم - فحمله على غير لحم الإبل واجب من باب أولى حملا لأعمالهم على موافقة الشريعة لا على مخالفتها ولذلك أورد الطحاوي والبيهقي هذه الآثار في باب «الوضوء مما مست النار» ولم يوردها البيهقي في «باب التوضؤ من لحوم الإبل» وإنما قال فيه:
«وروينا عن علي بن أبي طالب وابن عباس: الوضوء مما خرج وليس مما دخل وإنما قالا ذلك في ترك الوضوء مما مست النار».
ثم روى البيهقي فيه بسنده عن ابن مسعود أنه أكل لحم جزور ولم يتوضأ ثم قال:«وهذا منقطع وموقوف وبمثل هذا لا يترك ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
قلت: وبخاصة أنه ثبت عن الصحابة خلافه فقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كنا نتوضأ من لحوم الإبل ولا نتوضأ من لحوم الغنم رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» ١/ ٤٦ بسند صحيح عنه.