وأجيب عنه بأنه مجمل، وأنه محمول على التشهد الأخير؛ كما دل عليه حديث أبي حميد قبله. ذكره في «الزاد»«١/ ٨٦».
وأما المذهب الثالث: فليس لهم حجة سوى ما في روايةٍ من حديث أبي حميد بلفظ:
حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم؛ أخر رجله اليسرى، فقعد متوركاً على شقه الأيسر.
وقد تقدمت في «الركوع»[ص ٦٠٥].
وهذا لا حجة فيه؛ لأن سياق الحديث يدل على أن ذلك إنما كان في التشهد الذي يليه السلام من الرباعية أو الثلاثية؛ فإنه ذكر قيامه من الركعتين، ثم قال: حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم؛ قعد متوركاً.
قال ابن القيم «١/ ٩٢»: «فهذا السياق ظاهر في اختصاص هذا الجلوس بالتشهد الثاني».
قلت: وأصرح منه رواية البخاري المتقدمة آنفاً بلفظ: فإذا جلس في الركعتين؛ جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى. وإذا جلس في الركعة الآخرة؛ قدم رجله اليسرى. ونصب اليمنى، وقعد على مقعدته.
وهذه نص فيما قاله ابن القيم، وهي تبين أن بعض الرواة أجملوا رواية حديث أبي حميد هذا؛ فلم يذكر صفة جلوسه في التشهد الأول؛ فاغتر به من احتج به لهذا المذهب! وإنما يجب الأخذ بالزائد فالزائد - كما هو معلوم -.
وأما المذهب الرابع: فقد علمت أن حجته هي حديث أبي حميد هذا، وهو نص صريح قاطع في ذلك؛ فهو أقوى المذاهب وأصحها، وهو الذي يجمع بين مختلف الأحاديث المتقدمة الثابتة، ولا يرد شيئاً منها، بخلاف غيره من المذاهب؛ فإنه يلزم أن يَرُد كثيراً من تلك الأحاديث أو بعضها - كما لا يخفى -.