للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهو حجة بإطلاقه، إلا أنه قد جاء عن ابن عمر أيضاً ما يقتضي تقييده بالتشهد الأول في الرباعية أو بالتشهد؛ في الثنائية. وهو: ما أخرجه مالك أيضاً، وعنه الطحاوي، والبيهقي عن يحيى بن سعيد أيضاً: أن القاسم بن محمد أراهم الجلوسَ في التشهد؛ فنصب رجله اليمنى، وثنى رجله اليسرى، وجلس على وركه الأيسر، ولم يجلس على قدمه، ثم قال: أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر، وثني: أن أباه كان يفعل ذلك.

فهذا خلاف ما أفادته رواية القاسم بن محمد التي قبل هذه، ومثلها رواية ابنه عبد الرحمن، فإن لم تُحمل إحدى الروايتين على تشهدٍ والأخرى على تشهد آخر؛ تعارضتا.

قال الحافظ «٢/ ٢٤٣»: «فإذا حُملت رواية القاسم وابنه على التشهد الأول، وروايته الأخيرة على التشهد الأخير؛ انتفى عنهما التعارض، ووافق ذلك التفصيلَ المذكورَ في حديث أبي حميد. والله أعلم».

هذا كل ما وجدنا لأرباب هذا المذهب من دليل وحجة. وقد ظهر لك بهذا البيان أنه لا يَسلَمُ لهم ولا حجة واحدة.

وأما المذهب الثاني: فقد احتجوا بحديث ابن عمر المذكور قريباً: أنه كان يجلس على وركه الأيسر.

والجواب عنه يتضح مما سبق؛ وهو أن هذه الرواية محمولة على التشهد الأخير؛ جمعاً بينها وبين الرواية المعارضة له، فالروايتان بمجموعهما حجة لأحمد على مالك.

وقد وجدت له حجة أخرى؛ وهو حديث ابن مسعود: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا جلس في وسط الصلاة وفي آخرها على وركه اليسرى: «التحيات. .. » الحديث.

وهذا نص واضح في التورك في التشهدين، ولكنه لا يصح إسناده - كما سبق بيانه في «الافتراش في التشهد». فراجعه إن شئت -.

ولهم حجة ثالثة، وهو حديث عبد الله بن الزبير هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>