للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث المشهور المعروف لديكم جميعًا: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولولا أني أشعر أنني بين أناس يلتقون معنا حرصًا على اتباع الكتاب والسنة، والابتعاد عن التقليد والجمود على ما وجدنا عليه الآباء والأجداد لما تطرقت للتنبيه على ما يأتي لمسألتين اثنتين، ولكن لما وجدت والحمد لله مجتمعًا كهذا حريصًا على اتباع السنة وبخاصة فيما يتعلق بالركن الإسلامي الثاني ألا وهي الصلاة، لذلك اندفعت إلى أن أنبهكم إلى أمرين اثنين:

الأمر الأول: رأيت كثيرًا من إخواننا حينما يصلون صلاة ثنائية سواء كانت فرضًا أو سنة يتوركون في التشهد، فالذي أريد التذكير به إنما هو أن التورك في الثنائية لا فرضًا ولا سنة، لم يأت في شيء من أحاديث صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - المبثوثة في بطون كتب السنة سواء ما كان منها مطبوعًا أو مخطوطًا بل إن التورك في الثنائية يخالف نصًا صحيحًا أخرجه الإمام مالك في الموطأ وغيره بالسند الصحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: إنما سنة الصلاة أن تنصب اليمنى وأن تفرش اليسرى، هذا الحديث كما عليه علماء الحديث في حكم المرفوع؛ لن قول الصحابي: من السنة كذا فهو كما لو قال: فعل رسول الله كذا أو أمر بكذا، أو نهى عن كذا، بخلاف ما لو قال التابعي من السنة كذا، فليس ذلك في حكم المرفوع، هذا مما قرر في علم مصطلح الحديث، وعلى هذا فقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: إنما سنة الصلاة فهذا في حكم المرفوع، فسنة الصلاة كقاعدة يقول بأداة الحصر: إنما سنة الصلاة أن تنصب اليمنى وتفرش اليسرى، هذه هي القاعدة.

وحينئذ فيجب طردها واستعمالها دائمًا وأبدًا إلا ما قام الدليل الخاص الذي يحملنا علميًا على أن نستثني من هذه القاعدة ما دل عليه الدليل الخاص، فما يتعلق بالتورك إنما جاء الدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تورك في التشهد الثاني، ولم يأت التورك عنه عليه الصلاة والسلام فيما سوى التشهد الثاني الذي يليه السلام، فإذا افترضنا أن رجلًا قام يصلي في الليل ركعتين ركعتين، ويتشهد على رأس كل ركعتين سواء صلى أربعًا أو ستًا أو ثمانية ففي كل هذه التشهدات إنما سنة الصلاة أن ينصب

<<  <  ج: ص:  >  >>