مُتَصدِّق، ورجل متصدَّق عليه، الجماعات التي تقام الآن، ليس فيها هذان الوصفان، متصدِّق ومتصدَّق عليه، ونحن نفهم من كلمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - «ألا رجل يتصدق على هذا، فيصلي معه؟ »، أن المُتَصَدِّق غني، وأن المُتَصَدَّق عليه فقير، فمن هو المُتَصدِّق ومن هو المُتَصَدَّق عليه؟ الذي كان قد صلى مع الرسول عليه السلام، واكتسب فضيلة الجماعة خمساً وعشرين، أو سبعاً وعشرين درجة، هو بلا شك الغني، وهذا الذي فاتته هذه الجماعة هو الفقير، فهذا الذي تَصَدّق عليه، قد صلى الفريضة مع الجماعة، هذا فاتته هذه الفريضة، فإذاً هو المتصدَق عليه.
فالآن: لَمّا يدخلوا ثلاثة أربعة إلى المسجد، فاتتهم الجماعة جميعاً، فتقدمهم أحدهم، مَن المُتَصَدِّق عليهم؟ لا أحد، كلهم فقراء، لماذا؟ كلهم فاتتهم الجماعة، فاتهم سبع وعشرون درجة.
فإذاً: جَرّ الحديث وتطبيقه على هذه الجماعات التي تقع اليوم، هذا في الواقع تحميل الحديث ما لا يتحمل، وأوضح شيء هو: أن يُلاحظ مُتَصَدِّق ومُتَصَدَّق عليه، هذا لا يوجد في هذه الجماعة؛ لأنهم كلهم مُفْترِضون، بينما هناك كان مفترِض وهو الإمام، ومتنفِّل وهو المُتَصَدِّق عليه.
لهذا فاستدلال بهذا الحديث، هو كما يقول الشافعي وغيرُه:«أنه من كان قد صلى الفَرض مع الجماعة، ثم حضر جماعة أخرى، هل له أن يعيد تلك الصلاة مع الجماعة الأخرى»؟ الجماعة المشروعة، قالوا: نعم. وهذا هو الدليل.
أو من صلى الفريضة، هل له أن يَؤُم جماعةً ما صلوا الفريضة، الجواب: نعم. لأن هذا وقع في عهد الرسول عليه السلام، حيث كان معاذ بن جبل -كما في صحيح البخاري- كان يصلي صلاة العشاء الآخرة وراء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يذهب إلى قبيلته، فيصلي بهم نفس الصلاة، أي يؤمهم في صلاة العشاء، كانوا يعرفونه أنه أفقههم وأعلمهم وأَقْوَاهم، فيعرفون من جهة بأنه يصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -