للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال راوي الحديث، وهو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: «هي له نافلة وهي لهم فريضة»، فمعاذ كان قد صَلّى فأعادها، فهذا يجوز.

كذلك يجوز لمن صلى الفريضة فوجد جماعة أخرى، يصلي معهم تلك الصلاة نفسها، لكنها تكون له نافلة.

وعلى هذه الصورة أدلة، منها: حديث الإمام مالك في «الموطأ» أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، صلى في حجة الوداع في مسجد الخير المعروف اليوم في ذلك المكان، صلى صلاة الفجر، لما سلم وجد رجلين قد انتحيا ناحيةً، يدل وَضْعُهما على أنهما لم يشتركا في الصلاة مع الجماعة، فقال لهما عليه الصلاة والسلام: «أولستما مُسْلِمَين؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: فما يمنعكما أن تصليا معنا؟ قالا: يا رسول الله! إنا كنا صلّينا في رِحَالنا، قال: فإذا صلى أحدكم في رحله، ثم أتى مسجد الجماعة فليصلي معهم، فإنها تكون له نافلة».

فهذا الصحابي الذي كان صلى مع الرسول، وقام استجابة لِحَضّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ » صلى معه نفس الصلاة نافلة.

كذلك من الأدلة على هذه الصورة أو قريب منها: قوله عليه الصلاة والسلام -كما في صحيح مسلم، من حديث أبي ذر الغفاري- قال: قال عليه الصلاة والسلام: «سيكون عليكم أمراء يُمِيتُون الصلاة، وفي رواية يُؤَخِّرون الصلاة عن وقتها، فإذا رأيتم ذلك، فَصَلّوا أنتم الصلاة في وقتها، ثم صلوها معهم فإنها تكون لكم نافلة».

«ألا رجل يتصدق على هذا، فيصلي معه؟ » لا يدل -مطلقاً- على شرعية الجماعة الثانية والثالثة، لاختلاف صورتها عن الصورة التي أَقَرّها الرسول عليه الصلاة والسلام.

إذا عُرِفَ هذا: أمكننا أن ننتقل إلى أصل السؤال، وهو:

رجل دخل المسجد، وقد سلم الإمام، وقام أحدهم كان مسبوقاً بركعة أو بركعتين، فهل لهذا الداخل أن يقتدي بهذا المسبوق؟

الجواب: لا، والسبب أن الجماعة الثانية لا تُعرف في عهد الرسول عليه السلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>