وقد جاء في «مصنّف» ابن أبي شيبة، من طريق الحسن البصري قال:«كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فاتتهم الصلاة مع الجماعة صلوا فُرَادى».
وأخذ هذا الأثر الإمامُ الشافعي، فأودعه في كتابه العظيم:«الأم»، وأتبعه بجملة من عنده، فهو يقول:«وقد كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فاتتهم الصلاة مع الجماعة، صلوا فرادى» كما قال الحسن.
وزاد الإمام الشافعي من عنده تَفَقُّهاً:«وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا مرة أخرى، ولكنهم لم يفعلوا؛ لأنهم كرهوا أن يجمعوا في مسجد مرتين.
وهكذا جاء صراحة في «المدونة» المنسوبة للإمام مالك -رحمه الله- أنه ليس هناك جماعة ثانية.
وهذا بحث له [ذيل] طويل، وخلاف مديد في الفروع الفقهية، لكن حسبكم الآن هذا الأثر.
مداخلة: طبعاً لكن هناك حديث: ألا من رجل يتصدق على هذا؟
الشيخ: هو صحيح لا شك فيه؛ لأنه جاء من رواية أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك لكن الحديث هذا في وادٍ ونحن في وادٍ آخر.
نحن بحثُنا الآن في عقد جماعة ثانية هي كالجماعة الأولى، من حيث أن المصلين فيها هم جميعُهم يُصَلّون ما عليهم من الفريضة، الجماعة الأولى والجماعة الثانية والثالثة كلهم يصلون فريضة الوقت، أما الحديث الذي تسأل عنه، فليس هذا بابه؛ ذلك لأن الحديث كما ذكرت صحيح، حيث يقول:«ألا رجل يتصدق على هذا، فيصلي معه» والحقيقة قلت آنفاً: أن هذا بحث طويل، لكن أشعر بأنني في الوقت الذي أردت التهرب منه، قد جُررت إليه، لكن على كل حال، فيه خير إن شاء الله.
إذا دخل جماعةٌ المسجد، فوجدوا الإمام قد صلى، فَتَقدّم أَحَدُهم فصلى بهم إماماً، قولوا لي الآن: من المُتَصَدِّق ومن المتصدَّق عليه من هذه الجماعة؟ ما في أحد.