للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يُجمعوا مرة أخرى، ولكنهم لم يفعلوا، لأنهم كرهوا أن يجمعوا في مسجد مرتين.

إذًا: مثل هذه الجماعة ما وقعت.

الآن عندنا حديث أبي داود والترمذي، نقول: نعم، هذا الحديث يؤخذ منه أن من كان صلى مع الجماعة المشروعة، ودخل رجل يريد أن يصلى فيتطوع عليه، ويتفضل عليه، ويتصدق عليه بأن يصلى خلفه.

أي: في هذا الحديث دليل بأنه: يجوز لمن صلى الفريضة أن يعيدها وراء من يصلى الفريضة، بالنسبة إليه فريضة، وبالنسبة للذي يصلى خلفه نافلة.

بحثنا إذًا: في إقامة إمام ومقتدين به، هذا ليس فيه شيء من ذلك، والذي يؤكد لكم: انظروا الآن هذا الواقع الذي نشاهده في بعض المساجد، بسبب الغفلة عن العلم الصحيح، دخلوا ثلاثة، أربعة متأخرين عن صلاة الجماعة، فتقدمهم أحدهم، والآخرون يصلون خلفه.

من هو المُتَصدِّق ومن هو المُتَصَدَّق عليه؟ لا أحد، لماذا؟ لأن في الصورة التي وقعت في زمن الرسول: المتصدِّق هو الغنى، هذا كسب فضيلة الصلاة مع الجماع الأولى، أولاً.

وثانياً: وراء الرسول - صلى الله عليه وسلم -، هذا هو الغنى، أما الفقير هو اللي فاتته هذه الفضيلة، وهو الذي أراد أن يصلى.

أما هذا الذي حثَّه الرسول أن يصلى خلفه، فقال له: «ألا رجل يتصدق على هذا» فإذًا: هو تصدق عليه، فانعقدت الجماعة به، فهو مُتَصَدِّق، أما الفقير فهو الإمام.

أما الجماعة الثانية -اليوم- التي تقع، فكلهم فقراء، لأنهم فاتتهم الجماعة الأولى.

باختصار: ليس لهذا الحديث علاقة بموضوع الجماعة الثانية.

ولذلك: كتب الفقه، -وخاصةً متونها- تنص على أنه يكره تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب، ومؤذن راتب، وهذا نص الإمام الشافعي في الأم.

<<  <  ج: ص:  >  >>