يخرج من ذلك المساجد التي تُبنى على الطرق: كالمساجد التي ما بين مكة والمدينة.
هذه كلها جاء جماعة من المارة يصلون فيها بإمام من عندهم، ما شي الحال؟
أما مسجد في مَحِلّة: له إمام راتب ومؤذن راتب يقول لهم: حي على الصلاة، حي على الفلاح، ثم بعضهم يتقاعس في بيته، في عمله، يا أخي بنصلي فيما بعد.
وأنا في أول طلبي للعلم كنت مبتلىً بهذا القول، كنت أسمع الأذان من المسجد، وهو بجانبي، لا يبعد عنى أكثر من خمسين مترًا، أكون أنا -ساعاتي- أصلح الساعات، أقول: هه با خلص الساعة، بيصير في نقاش أنا بيني وبين عقلي: لك أنت بين ما تخلص الساعة يكون انتهت الجماعة. با صلي جماعة ثانية، لابد أُلاقي إمام. لك ما بتلاقي إمام. نفسي بتقول لي: أنت ما عاجبك نفسك، أنت طالب علم، أنت بتصلي إمام. هكذا كنت أفعل فعلاً.
لما علمت أن هذا خلاف السنة, كنت مجرد ما أسمع المؤذن يقول: الله أكبر، الله أكبر، أحط الساعة اليّ عَمّ أصلحها أمامي، وأقوم وأسعى ركضا إلى الميِضَأة أتوضأ وأصلى.
أعني بهذا: أنه إذا قام في أذهان المسلمين شرعية الجماعة الثانية والثالثة، فهذا يؤدي إلى فرط عِقْد الجماعة الأولى، وتقليل عددها، والواقع أكبر دليل.
شو الفرق بين صلاة الجماعة وصلاة الجمعة؟ الجمعة قائم في الأذهان ما يصير تكرارها؛ ولذلك بدّه يصلى الجمعة يسعى كما قال تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}.
على العكس من ذلك: لما كان قائما ومستقراً في نفوس كثير من الناس أنه في جماعة ثانية وثالثة، ها اللّي بِدّهم يصلوا مع الجماعة بيتقاعسوا عن الجماعة الأولى، بسبب هذه الفكرة القائمة في أذهانهم، وهي خلاف السنة.
فيكون حصيلة فهم هذه المسألة فهماً علمياً صحيحاً: هو مسارعة المسلمين إلى إجابة منادي الله: حي على الصلاة، حي على الفلاح.