للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهمت أن ال في الجماعة للعموم والشمول، صح الاستدلال بالحديث على أنه: كل جماعة تُقام في أي مسجد فهي جماعة مشروعة، وثوابها سبع وعشرون درجة.

أما إذا فُهمت على العهد، فيبطل هذا التعميم ويختص بجماعة مُعينة.

فما هو الصحيح؟ وكيف يُمكن تمييز هذا من هذا؟

«صلاة الجماعة»، إذا قلنا: «أل» للاستغراق والشمول، صح الاستدلال على شرعية كل جماعة بعد الفريضة التي صُلّيت مع الجماعة الأولى.

أما إذا فُسرت «أل» بأنها للعهد، وليست للاستغراق والشمول تنحصر بجماعة واحدة.

ما هي الجماعة الواحدة؟ هي المعروفة شرعاً، والمستقرة في الذهن، كلكم يتصور معي ما سأذكره الآن وهو أن الرسول -عليه السلام- خاطب أصحابه بهذا الحديث، فإذا كان أصحابه لا يعهدون منه في مسجده إلا جماعة واحدة، فحينما يسمعون قوله عليه السلام: «صلاة الجماعة»، أيّ جماعة بيستقر في الذهن المقصودة بهذه الفضيلة؟ الجماعات التي لم تُخلق بعد؟ لا هذا ما يخطر في البال، ما يخطر في البال إطلاقاً، وإنما الجماعة المعهودة، ولذلك يقال: هذه «أل» هي للعهد، وليست للاستغراق والشمول، وعلى العكس من ذلك: إذا افترضنا أنه كانت تقام جماعات عديدة في مسجده عليه السلام، تارة هو يَؤُمهم، تارة يؤمهم أبو بكر، في نفس صلاة واحدة، الظهر، العصر، المغرب، العشاء .. إلى آخره، فقال عليه السلام حينما قال: «صلاة الجماعة»، إلى وين بيروح فهمهم؟ لهذه الجماعات المتعددة؟ !

فإذا علمتم أنه لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا جماعة واحدة، إذاً: انحصرت «أل» هنا أنها للعهد وليست للاستغراق وللشمول.

من هنا نحن نأتي إلى القاعدة الفقهية الهامة، وهي: أنه يجب تفسير أحاديث الرسول عليه السلام، بعضها ببعض، والحديث القولي يُفَسّر بالحديث العملي.

أضرب لكم مثلاً حساساً، وبعد ذلك ننتهي إلى تلخيص القاعدة الهامة: «

<<  <  ج: ص:  >  >>