بالمصلين، حتى لا يتسع لهم؟ لكن -لا شك- هناك سببان، لكن أحدهما: ما نحن فيه، السبب الآخر: أن الناس الذين لا يصلون الصلوات الخمس، يصلون صلاة الجمعة، هذا معروف.
لكن -أيضاً- من جملة الأسباب، أن الذين يحرصون على الصلوات الخمس مع الجماعة، وعلى صلاة الجمعة، قام في أنفسهم: أنه يجوز تكرار صلاة الجماعة، لكن لا يجوز تكرار صلاة الجمعة، من أجل ذلك يَغُصّ المسجد بالمصلين يوم الجمعة، لأنه قام في أنفسهم: أن لا تَكْرَار لهذه الجماعة.
وإذا عرفنا هذه الحقيقة، التي يشهد بها الواقع، ورجعنا إلى حديث آخر، يشبه حديث أبي هريرة الأول:«لقد هممت أن آمر رجلاً .. إلخ» فقد روى الإمام مسلم في صحيحه نحو هذا الحديث، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:«لقد هممت أن آمر رجلاً فيصلي بالناس صلاة الجُمعة، ثم أخالف إلى أناس يتأخرون عن صلاة الجمعة، فأُحَرِّق عليهم بيوتهم» ... انتهى حديث ابن مسعود إلى هنا، خلافاً لحديث أبي هريرة، فنحن نجد هنا أن الوعيد يَنْصبّ على الجماعتين: جماعة الصلوات الخمس، وجماعة الجمعة.
فكما لا يجوز التَخَلّف عن صلاة الجمعة، كذلك لا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة.
فنحن في النهاية، وهذا آخر الجواب عن ذاك السؤال، في النهاية: الذي يحرص على أداء صلاة الجماعة مع الجماعة الأولى، فالنتيجة العملية نادراً أن تفوته، وهذا كما وقع معي ومع غيري، فإذا فاتته كُتِبَ له أجرُه؛ لأنه كان نابهاً لصلاة الجماعة، فإما أن يكون هكذا، أو أن يكون غير مبالٍ بصلاة الجماعة، وحسبه أنه يؤدي هذه الفريضة، ولو في آخر الوقت وحده، فهذا ما له ولهذه الفضيلة، ليس له هذه الفضيلة، ولا يمكنه أن يدركها، ولو صلى عديد من الجماعات، هذا آخر الجواب.
مداخلة: في معرض الكلام على أثر الحسن البصري، يذكر «المباركفوري» في كتاب له اسمه: «تذكار الجنان» يقول: هناك زيادة لهذا الأثر، «أنهم إنما كانوا يفعلون ذلك، خوفاً من السلطان» خوف الفتنة، فما كانوا يصلون جماعة لكي لا يظهر