أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد لفت نظر المسلمين إلى بقاء هذا العموم على عمومه حينما يكون الخطيب يخطب يوم الجمعة حيث لا يجوز والخطيب يخطب أن يأمر الجالس الذي يسمع خطبته بمعروف أو ينهى عن منكر، مع ذلك فقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين وليتجوز فيهما» لقد أمر عليه السلام بهاتين الركعتين تحية المسجد والخطيب يخطب في الوقت الذي لا يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب والخطيب يخطب لا يجوز, فإن أمر بتحية المسجد والإمام يخطب ونهى عن أن تقول لمن يتكلم والخطيب يخطب وقال «فقد لغوت» , فإذن هذا يؤكد أن قوله عليه السلام «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» أو في الرواية الأخرى «فليصل ركعتين ثم ليجلس» دليل على أن هذا العموم لا يزال على شموله وإطلاقه حين ذاك يسلَّط هذا العموم على العموم المخصص وهو «لا صلاة بعد الفجر لا صلاة بعد العصر».
هذه قاعدة مهمة جدا تزيل العقبات والإشكالات أمام التوفيق بين بعض الأحاديث التي يبدو منها التعارض.
على هذا المنوال يوفق بين قوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} نص عام مطلق لم يدخله تخصيص وبين قوله عليه السلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» فقد دخله التخصيص بإجماع علماء الجمهور, لا أقول بإجماع علماء المسلمين قاطبة لكن مع الجمهور أدلة من السنة لو كان الجمهور مخالفا لهذه الأدلة لما التفتنا إلى مخالفتهم لأن الحديث صريح وصحيح خلافا لمن يظن ضعفه أن من جاء المسجد فوجد الإمام راكعا فوجده راكعا فقد أدرك الركعة بخلاف ما إذا لم يدرك الركوع وإنما أدرك الإمام ساجدا فلم يدرك الركعة فهذا يخصص مع آثار سلفية صحيحة بدءًا من أبي بكر رضي الله عنه وانتهاء إلى ابن عمر أنهم قالوا:«من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة» فحينئذ نخصص عموم قوله عليه السلام «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»