جندب وأبي بن كعب: أن الرسول عليه السلام كان له سكتتان: سكتة عند الصلاة .. تكبيرة الصلاة الأولى، وسكتة عند الفراغ من القراءة.
اختلف الرواة في تحديد هذه السكتة الثانية، أعني بالرواة: الذين رووا الحديث من طريق الحسن البصري عن سمرة، فمنهم من قال: إذا فرغ من قراءة الفاتحة، ومنهم من قال: إذا فرغ من القراءة كلها، وهذه الرواية الثانية من حيث كثرة الطرق هي الأصح، لكن هذه لا تناسب القائلين بالسكتة بعد الفاتحة ولذلك هم رجحوا نظريًا هذه الرواية الأخرى التي تقول: بعد الفاتحة.
لو سلمنا لهم بذلك فنعود إلى الحديث فنقول: إن الحديث المعضول بعنعنة الحسن البصري عن سمرة، فإن الحسن البصري مع جلالة قدره كان مدلسًا، كان يروي عمن سمع منه ما لم يسمع منه، ولذلك اختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا، والراجح أن ما صرح فيه بالتحديث فهو حجة؛ لأنه عدل ثقة حافظ لا شك ولا ريب في ذلك، مع أنه إمام كبير وزاهد عظيم، لكن له هذه العادة: أنه يروي عمن لقيه ما لم يسمع منه.
وهنا لا بد لي من أن أعرج إلى نقطة مهمة جدًا قل من ينبه أحد عليها، وقل من يتنبه لها، بل إن عامة الناس إذا سمعوا أو قرؤوا إن فلانًا كالحسن البصري مدلس اشمأزت قلوبهم من هذا الوصف وألقي فيها أنه رجل مطعون فيه، فيجب أن نعلم أن التدليس أنواع كثيرة، لكن هذا النوع الذي نحن الآن في صدده ليس فيه مطعن فيمن كان يتعاطى هذا النوع من التدليس، ما معنى هذا التدليس؟
مثلًا: أنا التقيت مع بعض العلماء الأفاضل مرارًا وتكرارًا وبخاصة ابن باز حفظه الله لما كنا في الجامعة، فسمعت منه كلمات، فإذا بلغتني كلمة أو موعظة أو حكمة أو ما شابه ذلك عنه بواسطة إنسان ما ولم أسمعها منه من قبل فقلت في هذا الكلمة التي سمعتها عنه بالواسطة، قال ابن باز فأنا مدلس، أنا مدلس اصطلاحًا، ولماذا استعمل هذا اللفظ العربي؟ لأنه يوهم السامعين أنني سمعت منه هذا الكلام، لكني أنا لم أقل: سمعت ابن باز .. لو أني