من الدقة ويحتاج أن يكون هناك من درس شيئا من علم أصول الفقه؛ ولذلك نرى أن نأتي المسألة من أقرب طريق فنقول إنما كان القول الثالث أعدل الأقوال وأقربها للصواب وهو أن يقرأ في السرية ويسكت في الجهرية؛ لأنه في ذلك تجتمع الأدلة التي تنازعها العلماء المختلفون في هذه المسألة؛ أول ذلك نجد أمامنا قول ربنا تبارك وتعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. نعم.
الطالب: وإذا.
الشيخ:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. نعم فهذه الآية نص صريح من حيث دلالة عمومها أن على كل من يسمع القرآن يتلى أن عليه الاستماع والإنصات {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}. استمعوا له لا يغني عن الإنصات لأننا نجد من جهر من بعض الناس اليوم؛ أما الاحتجاج بالحديث السابق «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». فهو احتجاج بالعموم؛ وهنا الدقة في المسألة ولابد من التعرض لها في الحقيقة، الآية بعمومها تشمل الصلاة وتشمل الفاتحة؛ لأنها قرآن بل هي أم القرآن، الحديث بعمومه يشمل كل صلاة «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». فأي العمومين يسلط على الآخر ويخصصه؛ هنا يقول بعض العلماء العام الذي بقي على عمومه وشموله ولم يدخله تخصيص هو أقوى في عمومه وشموله من العام الذي دخله تخصيص؛ وحينذاك يسلط العام الأعم على العام المخصص؛ وقد ذكرنا في حديثنا السابق بأن حديث «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». قد خصص واستثني منه بعض الفروع، ذكرنا من ذلك المسبوق الذي أدرك الإمام راكعا فقلنا إنه يعتبر قد أدرك الركعة مع أنه ما قرأ الفاتحة؛ فماذا فعل العلماء بحديث «لا صلاة».
قالوا لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا لمن أدرك الإمام راكعا عام مخصوص أي ضعف عمومه؛ كذلك مثلا حديث الذي أسلم حديثا لا يحسن قراءة الفاتحة لكن يسبح كما ذكرنا أيضا هذا بشيء من التفصيل فتكون صلاته صحيحة أيضا على الرغم من أنه لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ فماذا يقال «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا الأعجمي الذي لا يحسن قراءة الفاتحة» أما الآية