الشاهد: فالرسول - صلى الله عليه وسلم - له خصوصيات، لكن الأصل أن الاقتداء به هي القاعدة، والخصوصيات تتبع فيها الأدلة، فإذا جاء الدليل يقول لنا: أن الرسول عليه السلام قَبَّل، وما جاء أنه خاص به، حينئذٍ نحن نقتدي به، ولكن هنا تفصيل يذكره بعض العلماء، ولا بأس من ذِكْرِه بناء على حديث:«جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن تقبيل الرجل لزوجته وهو صائم» هل يقبل زوجته وهو صائم، فرخص له.
«ثم جاء آخر فسأله نفس السؤال فلم يُرَخِّص له». حصل هنا تناقض في الظاهر.
قال: فنظرنا فرأينا الذي رخص له شيخاً، والذي لم يُرَخِّص له شاباً.
أنا أقول: الرسول عليه السلام لما أعطى جوابين متباينين بسبب أن السائلين مختلفين، هذا منتهى الحكمة؛ لأنه يراعي طبائع الناس، الشيخ السائل أجاز له رَخَّص له، والعكس ما رخص له؛ لأن الغالب على الشيوخ أنهم شبعوا من الدنيا وضعفت الشهوة شاؤوا أم أبوا، والغالب على العكس، على الشباب أنهم في عز شهوتهم وقُوّتهم وشبابهم و .. إلى آخره.
فأقول: فإذا فرضنا هناك شاباً عليلاً مريضاً خاوي القوى منهاراً، هذا يكون حكمه حكم الشيخ، فيباح له أو يُرَخَّص له، ليس هناك خطر في أن يقال: لك أن تقبل زوجتك وأنت صائم؛ لأنه ليس عنده هذا الحيل.
كما أن ذاك نادر يقابله أيضاً نادر، فَرُبّ شيخ بلغ من الكبر عتياً، لكنه لا يزال في قوته وشبابه أحسن من ذلك الشاب يعني، فهذا يعطى حكم الشاب، ويقال: احذر، كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّل زوجته وهو صائم وأيكم يملك من إربه ما كان يملك من إربه».
«أيكم يملك من إربه» أي: من عضوه، شهوته، ما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يملك.
خلاصة الكلام: يختلف الحكم بين الصلاة وبين الصيام من جهة أن المتوضئ