الشيخ: لا، لا تقرؤوا إلا بفاتحة الكتاب، هل يعني أن قراءة فاتحة الكتاب واجبة حتى نستثنيها من الانتهاء؟
مداخلة: الظاهر يا أستاذي أنه للوجوب، «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب».
الشيخ: لا، هذا لا يفيد الوجوب؛ بدليل أن النهي بعد الأمر لا يفيد الوجوب. صحيح، أو لا؟
لو قال لك قائل عربي فصيح مثل حكايتك -إن شاء الله- لو قال لك: لا تنم في النهار، إلا في القيلولة. ماذا تفهم، هل تفهم أن النوم في القيلولة واجب؟
مداخلة: أفهم الإباحة.
الشيخ: وماذا الفرق بين هذا وهذا؟
مداخلة: نفس الشيء.
الشيخ: وأهم من هذا النص المشهور: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب» في الدلالة على عدم الوجوب، «لا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب»، يعني لا بأس إذا قرأ.
فإذا كان معناه هذا، أين قوة الاستثناء الذي أنت كنت مندفع إليها؛ حتى تساعدك على دعوى الاستثناء المُدَّعى من قول أبي هريرة:«فانتهى الناس عن القراءة» وبخاصة أن هذا الانتهاء هو نتيجة صرف التشويش في القراءة عليه، والتشويش حاصل سواء كان بالفاتحة أو بغير الفاتحة.
ليس عندنا في الشريعة ما يشبه القول بوجوب فاتحة الكتاب مع سماع المقتدي لقراءة الإمام، يعني غريبة عن مبادئ الشريعة العامة:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: ٢٠٤].
فليس من المعقول -أبداً- في وقت قراءة الإمام بعد فراغه من قراءة الفاتحة؛ حيث ينبغي أن يكون الناس متفرغين للإصغاء لما يقرأه الإمام بعد الفاتحة لعله يحفظ في هذا الوقت يقال له: انصرف عن الإصغاء، وانصرف عن الاستماع،