ليت شعري كيف عرف الصحابة، إذا كانوا يقرؤون دائماً وأبداً بعد انتهاء الرسول عليه السلام من قراءتها، كيف كانوا يفهمون أنه قرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}[الأعلى: ١] .. ونحو ذلك من السور القصيرة والأطول منها، وهم مشغولون بتلاوة الفاتحة، {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}[الأحزاب: ٤].
الآن يقال للمقتدي: إذا انتهى الإمام من قراءة الفاتحة فابدأ أنت بقراءتها، ولا تصغ إلى الآية أو الآيتين أو الثلاثة، خاصة في آخر الزمان الآن بحيث أنه إذا قيل لك ما الذي قرأه الإمام بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية، تجيب: والله لا أدري، أنا كنت مشغول بقراءة الفاتحة.
أو يقرأ الفاتحة، وقراءته وتركه لها سواء، لأنه هذّ كهذّ الشعر كما جاء في بعض الروايات.
لا يوجد في الشرع مثل هذه الأوامر المتنابذة المتنافرة، اقرأ واصغ، كيف يجتمعان، لذلك جاء في القرآن أمران في الآية السابقة.
ولذلك يخطئ كثير من الجالسين في خطبة الجمعة من الذين يحملون السبحة ... ويسبح وهو يستمع لخطبة الخطيب، ما يفهم شيئاً أو ما يذكر شيئاً، واحدة من الاثنتين: إن كان عقله في فكره وتسبيحه، فإذاً: عقله ليس مع خطبة الخطيب، وإن كان العكس عقله مع خطبة الخطيب، فعقله ليس مع الذكر الذي يتظاهر به أمام الناس، {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}[الأحزاب: ٤]، فكيف يأتي في الشرع بأنه في وقت وجوب الإصغاء والإنصات وتَعَلُّم ما يُقرأ من القرآن بعد الفاتحة وهو أحوج ما يكون أن يتعلم مثل هذا الذي يُقْرأ، في هذه الحالة يقال له: اقرأ الفاتحة.