للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: لا يجوز للإمام السكوت بعد قراءة الفاتحة لسببين اثنين:

السبب الأول: أن هذا لا أصل له في السنة.

السبب الثاني: أنه قلب لمبدأ القدوة؛ لأن الإمام يصبح هنا مؤتماً والمؤتمون هم الإمام، هو يسكت ليقرأ المقتدون، يسكت من أجل من خلفه.

هو الإمام، ومعنى الإمام أي: يقتدى به، ويكون من خلفه يمشون معه، بينما هنا هو يراعيهم، ويسكت من أجلهم.

ففيه خطآن على الأقل:

الأول: أنه يُحْدِث في الصلاة ما لم يكن في عهد الرسول عليه السلام القائل: «صلوا كما رأيتموني أصلي».

والشيء الآخر أنه يقلب نظام القدوة، فيجعل الإمام الذي هو قدوة الناس، يجعل نفسه مقتدياً بالناس، وهذا لا يجوز، وهذا الفعل إنما يفعله أحد رجلين، إما أنه متمذهب بالمذهب الشافعي الذي يقول بوجوب قراءة الفاتحة مطلقاً سواء كان في الجهرية أو السرية، أو أنه رجل يتوهم -وهو من أهل السنة- أن حديث سمرة بن جندب وأُبَيّ بن كعب، أنه: «كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكتتان يسكتهما، سكتة إذا كَبَّر للصلاة، وسكتة عند الفراغ من القراءة» وهذا الحديث ضعيف الإسناد لا يصح؛ لأنه من رواية الحسن البصري، وهو مدلس معروف بذلك، وكل الطرق التي جاءت إلى الراوي عن الحسن وهو يونس بن عُبَيْد كل الطرق تذكرها بالعنعنة ولا يوجد في طريق ما ولو كان واهياً ضعيفاً أنه قال: سمعت جندب بن سمرة وأُبي، لا يوجد رواية تُصَرّح بالسماع.

ثانياً: مما يؤكد ضعف الحديث وعدم صلاحية الاحتجاج به في هذه المسألة أن الروايات اختلفت اختلافاً عجيباً، ففي بعضها السكتة الثانية بعد قراءة الفاتحة، وفي بعضها بعد الفراغ من القراءة، وفي قراءة وهو الأصح من حيث أكثر الروايات عليها، بعد الفراغ من القراءة كلها، أي: قبل الركوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>