أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة - فقد صارت هذه السنة عندهم نسيا منسيا، بل إنهم تتابعوا على هجرها والإعراض عنها، ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع، فإن زاد كره، كما جاء مفصلا في «الفقه على المذاهب الأربعة»«١/ ٢٠٧»، والتقدير المذكور لا أصل له في السنة، وإنما هو مجرد رأي، ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة، كما تقتضيه القواعد الأصولية. وخلاصة القول: إنني أهيب بالمسلمين - وخاصة أئمة المساجد - الحريصين على اتباعه - صلى الله عليه وسلم - واكتساب فضيلة إحياء سنته - صلى الله عليه وسلم - أن يعملوا بهذه السنة ويحرصوا عليها، ويدعوا الناس، إليها حتى يجتمعوا عليها جميعا.
وبذلك ينجون من تهديد «أو ليخالفن الله بين قلوبكم».
وأزيد في هذه الطبعة فأقول: لقد بلغني عن أحد الدعاة أنه يهون من شأن هذه السنة العملية التي جرى عليها الصحابة، وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويلمح إلى أنه لم يكن من تعليمه - صلى الله عليه وسلم - إياهم، ولم ينتبه - والله أعلم - إلى أن ذلك فهم منهم أولا، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قد أقرهم عليه ثانيًا، وذلك كاف عند أهل السنة في إثبات شرعية ذلك، لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وهم القوم لا يشقى متبع سبيلهم.
[إلى أن قال]:
الخامسة: أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن «قد قامت الصلاة» بدعة، لمخالفتها للسنة الصحيحة كما يدل على ذلك هذان الحديثان، لاسيما الأول منهما، فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجبا ينبغي عليه القيام به، وهو أمر الناس بالتسوية مذكرا لهم بها، فإنه مسؤول عنهم:«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... ».