كثير من الناس يتوهمون والكلام كما يقال: ذو شجون، كلام يجر بعضُه بعضاً، أن مَدَّ هذه الخطوط هو من الأمور المشروعة؛ ذلك لأن الناس يُسَوُّون الصفوف عليها، وهذا في الواقع فيه بحث أصولي علمي هام جداً، وهو: هناك قاعدتان، إحداهما: منصوص عليها في كلام الرسول عليه الصلاة السلام، وهو قوله:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ولا أريد الخوض في هذا الحديث، وموقف كثير من العلماء اليوم تجاه هذا الحديث، حيث أنهم عَطَّلوا عمومه، وضربوا الحديث في صدره، فقالوا: ليس كل بدعة ضلالة.
هذه المشاقَّة لله وللرسول - صلى الله عليه وسلم - والمعاكسة له، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«كل بدعة ضلالة» هؤلاء الناس يقولون: لا، ليس كل بدعة ضلالة.
لا أريد الخوض هنا، يكفيكم القاعدة العامة من كلام المعصوم -عليه الصلاة السلام-.
لكن أريد أن أُذَكِّر بقاعدة أخرى، أُخذت من أدلة الكتاب والسنة أخذاً واستنباطاً، وليس عليها نَصٌّ صريح، كما هو الشأن في القاعدة الأولى، وهي القاعدة التي نسميها بِسَد الذرائع، قاعدة «سَدّ الذرائع» ومثلها «ما لا يقوم الواجب إلا به، فهو واجب» هنا نقف الآن: كثير من الناس يظنون أن مد هذه الخيوط في المساجد، هو من باب المصالح المرسلة التي منها: ما ذكرنا «ما لا يقوم الواجب إلا به، فهو واجب» فهل قاعدة المصالح المرسلة -وهي صحيحة ولا شك-على إطلاقها؟
هنا البحث: وأرجو أن أخْتَصِرَه ما استطعت، هذه القاعدة يجب الأخذ بها، وتطبيقها في أوسع معانيها، بشرط واحد: أن لا تخالف السنة.
والسنة كما تعلمون ثلاثة أقسام: قول وفعل وتقرير، -ولا شك ولا ريب- أن إخواننا الحاضرين جميعاً يَعْلَمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان لا يُكَبِّر في الصلاة إماماً بالناس، إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف وأن يقول لزيد: تقدم، وآخر تأخر .. إلى آخره، حتى كان يُسَوّى الصفوف كما تُسَوّى قِدَاح الرماح، وكان -عليه السلام- يُشَدِّد جداً، ويؤكد الأمر بتسوية الصفوف، حتى كان يقول: «لتُسوونَّ صفوفَكم،