يجب أن تأتموا، ليس فقط لا تكبروا تكبيرة الإحرام قبله، ولا فقط لا تركعون قبله، وإنما -أيضاً- لا تُؤَمِّنوا قبله، لماذا؟ للحديث الذي سمعتموه آنفاً، ألا وهو:«إذا أمّن الإمام فأمّنوا» على وزن إذا كبّر فكبروا، ما فائدة اتِّباع هذا الأمر النبوي «إذا أمّن الإمام فأمّنوا»؟ قال عليه السلام في تمام الحديث:«فإنه من وافق تأمينُه تأمين الملائكة، غُفر له ما تقدم من ذنبه» لذلك -بارك الله فيكم- يجب أن تنتبهوا لأمرين اثنين في خصوص هذه المسألة، فضلاً عن غيرها:
الأمر الأول: أن تُنْصِتوا لقراءة الإمام، أن تكونوا مع قراءته بقلوبكم وليس فقط بأجسامكم، فإذا ما انتبهتم لقراءة الإمام ووصوله إلى قوله:«ولا الضآلين» احبسوا نَفَسَكم لا تتسرعوا بالتأمين حتى تسمعوا بدء الإمام بآمين، الإمام من السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرفع صوته «بآمين» أن يجهر «بآمين» كما جهر بسورة الفاتحة فيقول: «آمين» فإذا سمعتموه بدأ هو «بآمين» فأنتم قولوا معه: آمين؛ لأن الملائكة تقول بعد قول الإمام أو مع قول الإمام آمين، أيضاً الملائكة تُؤَمِّن، فيقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه.
مغفرة الله -يا إخواننا الحاضرين- هي غاية الغايات كُلِّها من حياة المسلم، هذه الحياة الدنيا، لماذا نعيش؟ قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] فنحن نعبد الله لنحظى بمغفرته، وقد جعل الله عز وجل لكل شيء سبباً، وجعل من الأسباب للحصول على مغفرة الله أسباباً كثيرة وكثيرة جداً، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون، ألا ينبغي أن تشكروا ربكم أن كتب لكم مغفرة من ربكم، لمجرد أن حَبَستم أنفَاسَكم بعد أن قرأ الإمام «ولا الضآلين» ولم تسبقوه «بآمين» بل تابعتموه، وإذا بكم تستحقون مغفرة الله، لمجرد هذا السبب البسيط، فهذا الذي أُذَكِّركم به، ولعلكم تَسُنُّون سنةً حسنةً في مساجد ليس في هذا البلد فحسب، بلاد الدنيا كلها -وقد طفتُ كثيراً منها- لا تجد مسجداً يُحيُون هذه السنة، فلعلكم إن شاء الله تَسُنُّون سنة طيبة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من سَنّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من