للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه يطيل علينا، لم يقل له: اقرأ بهم الفاتحة فقط، مع أنه يكفي، من قرأ الفاتحة تكون الصلاة صحيحة، لكن قال له: «بحسبك أن تقرأ بعد الفاتحة هذه السور من قصار المفصل».

إذاً: إذا تصورنا إنسانًا، صليت أنت إماماً في العشاء، قرأت الفاتحة و {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] أو {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] ما هذا التطويل يا شيخ، إنك تثقل علينا وتُشَدِّد علينا، والرسول قال: «من أَمّ فليخفف»، تقول له: رويدك ليس على كيفك التخفيف، الرسول قال لمن شكى التطويل وأوصى معاذاً أنه يقرأ بهذه السور التي أنا قرأتها، فلماذا أنت تشتكي مني وتقول: طَوَّلت علينا؟ لا، أنا لم أُطَوِّل عليك، لو قرأت لهم -مثلاً-: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: ١] هنا طولت؛ لأن الرسول قال: «بحسبك» من السور القصيرة، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: ١] بقراءة سورتين أو ثلاثة من هؤلاء، فله حق أن يقول هنا طَوَّلت، أما إذا التزمت السنة لم تكن مُطَوِّل، سيكون هو رجل خفيف الدّين، يريد أن يصلي من هنا، ويرى شغله ويرى مصلحته ويرى أولاده .. إلى آخره هذا شيء.

وخلاصة هذا الشيء: أن حديث: «من أَمَّ فليخفف» ليس على كيف الناس، وإنما هو محدد، يؤكد هذا المعنى حديث في سنن النسائي من رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان ليصلي بنا في صلاة الفجر بالصافات صفاً»، هذا حديث عظيم جداً، لو أن أحد الأئمة اليوم صلى بالناس إماماً في الفجر، وقرأ بالصافات صفًا، كم طول هذه؟ وقالوا له: يا شيخ أنت طَوَّلت علينا، والرسول قال: إنه يخفف، تروي له هذا الحديث، ابن عمر يقول: «إن كان رسول الله ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان ليؤمنا بالصافات صفاً في صلاة الفجر».

إذاً: معنى هذا الحديث: أن هذا الذي كان يأمرنا بالتخفيف كان يُطَوِّل علينا في صلاة الفجر، أكثر ما يطول علينا في غير هذه الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>