كان من عادة معاذ -رضي الله تعالى عنه- أن يصلي صلاة العشاء الآخرة وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجده؛ حرصاً منه أن يكسب فضيلة الصلاة وراء الرسول عليه السلام، فضيلة الصلاة في مسجد الرسول عليه السلام، ويتعلم أيضاً، كان يصلي صلاة العشاء الآخرة وراء الرسول عليه السلام، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم نفس صلاة العشاء، هي له نافلة وهي لهم فريضة، جاء هذا الرجل الأنصاري، عامل بالناضح، الناضح: هو الجماعة الذين كانوا إلى عهد قريب في البادية يربطون ها الدلو بطريقة أو بأخرى، إذا ما شفتوها بالجمل ويدور الجمل هذا يسحب الدلو من البير مهما كان ثقيلاً، فهذا اسمه ناضح، جاء هذا الأنصاري ليُصَلّي وراء معاذ، قرأ الفاتحة، بعدين: بسم الله الرحمن الرحيم {الم}[البقرة: ١] * {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٢]، هذا وقت قراءة سورة البقرة، خاف، والظاهر أن الخوف هذا له أصل، بمعنى: سبق أنه صلى وراء معاذ، وأنه يطيل عادةً، ويومها يمكن كان هذا تعبان، فخاف أنه يطيل وهو ما يستطيع، قطع الصلاة، وذهب إلى ناحية من المسجد صلى لوحده، طبعاً أحسوا الصحابة ماذا عمل الرجل، ونقلوا قصته إلى معاذ، معاذ صار يَسُبّه صار يستغيبه، صار يقول عنه: هذا منافق، وهذا له وجه من القول، حتى ما يعني: ننسب الخطأ الفاحش إلى معاذ، لماذا؟ لأن هذا الرجل حضر المسجد وصلى وحده هذا منافق؛ لأن الذي لا يصلي مع الجماعة فهو منافق، لكن معاذ عذُره أنه لم يعرف عذره، الرجل بلغه مسبة معاذ له، فذهب شكاه للرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه:«يا رسول الله إننا أصحاب نواضح نعمل في النهار ونأتي في الليل، ونصلي وراء معاذ فيطيل بنا الصلاة، فأرسلوا وراء معاذ قال له: أفتَّان أنت يا معاذ، أفتان أنت يا معاذ، أفتان أنت يا معاذ، ثلاث مرات، بحسبك -وهذا الشاهد- بحسبك أن تقرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}[الأعلى: ١]،
{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}[الشمس: ١] .. ونحوها من السور»، وهكذا ذكر الرسول الحديث السابق لهذه المناسبة:«إذا أَمَّ أحدكم فليُخَفّف، فإن وراءه الكبير والمريض وذا الحاجة»، فاقتُطع هذا الحديث من هذه المناسبة، فصاروا يفسروا بعد «فليخفف» كيفما يريد هذا المستعجل، لا، هذا كان متعب في النهار، وبَيَّن عذره للرسول، وشكا معاذاً إليه