الملاحظ مع الأسف أن هذه السنة مهجورة في كثير من البلاد التي أتيتها وصليت وراء أئمتها، فإن الإمام لا يكاد ينتهي من قوله: ولا الضالين، إلا ضج المسجد بقولهم: آمين.
يجب على كل مصل بصورة عامة أن يكون يقظًا ولا يكون غافلًا، ومن لازم هذه اليقظة أن يضع كل شيء موضعه، فمن ذلك: ألا يسبق الإمام بقول: آمين، فينبغي أن ينتظر حتى يسمع قول الإمام مبتدئًا بمد الآلف الممدودة: آ، فيجمع الجمع بمتابعة الإمام في آمين، وإلا أولًا خالفوا هذا الأمر النبوي الصريح:«إذا أمن فأمنوا» فإنه على وزان قوله عليه السلام: «إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا» إلى آخر الحديث.
وثانيًا: إذا سابقوا الإمام خسروا ذلك الأجر العظيم الذي وعد به عليه الصلاة والسلام المؤْمنين المؤَمنين خلف الإمام وهو: «غفر الله له ما تقدم من ذنبه» .. «إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» ذكر عليه الصلاة والسلام هنا الملائكة مشيرًا إلى أنهم كما وصفهم ربهم بحق: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: ٦] فبدهي جدًا أن الملائكة الكرام الذين يحضرون الصلاة مع جماعة المسلمين لا يسبقون الإمام كما يفعل بعض المصلين خلف الرسول عليه السلام، وكما نحن في صدد بيان ذلك.
فحينئذ إذا تقيد المسلم بهذا الحديث من حيث عدم مسابقته للإمام يقع تأمينه مع تامين الملائكة، فقد جعل الرسول عليه السلام هذه الموافقة سببًا شرعيًا لتحصيل المؤمن مغفرة الله لذنوبه.
ومن فضل الله عز وجل على عباده أنه في الوقت الذي ابتلاهم بصفتهم بشرًا، ابتلاهم بالشهوة وبغريزة الميل إلى الهوى، فهم ولا بد يقعون في شيء كثير أو قليل من المخالفة؛ لأنهم لم يفطروا على العصمة كالملائكة، كما يشير إلى ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه