للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش - أي: المصافحة - والرجل تزني وزناها المشي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه».

فإذًا: الإنسان بطبيعة كونه إنسانًا لا بد أن يواقع قليلًا أو كثيرًا من المعاصي التي إن لم يغفرها الله كان ارتكابه لمعاصيه سببًا لنيل عذابه: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨ - ٨٩] مع هذا الطبع الذي طبع الله عز وجل البشر من عباده قد جعل لهم أسبابًا شرعية يكفر الله لهم بها ذنوبهم، بعض هذه الأسباب سبحان الله ميسرة، ما تحتاج مثلًا إلى جهد جهيد، كمثل قوله عليه السلام: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» وكقوله عليه السلام: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر أمام دار أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، أترونه يبقى من درنه على بدنه شيء؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: فكذلك الصلوات الخمس يكفر الله بهن الخطايا».

فالصلوات تحتاج إلى جهد .. إلى استعداد وإلى آخره، لكن من فضل الله عز وجل أنه جعل سببًا ميسرًا جدًا لنيل مغفرته، مع قليل من الملاحظة أو الجهاد للنفس، ما هو؟ فقط أن تراقب قول الإمام: ولا الضالين، وتحبس نفسك حتى يشرع الإمام فيقول: آآ .. إذًا: تابعه أنت وإذا بك استحققت مغفرة الله تبارك وتعالى لمجرد تحقيق هذه المتابعة: «إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».

ومن هنا يظهر وقد انتهيت من الإجابة عن السؤال، فأذكر فائدة: يظهر تجاوب أحكام الشريعة بعضها مع بعض، فالذين يذهبون إلى عدم شرعية جهر الإمام بالتأمين يكون مذهبهم هذا مخسرًا لهم هذه الفضيلة؛ لأنهم لا يتمكنون من تطبيق هذا الأمر النبوي الكريم: «إذا أمن الإمام فأمنوا» هم لا يدركون أتابع الإمام القول بآمين فور انتهائه من قراءته: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧]؟ لا يدرون ذلك، ثم هم لا يدرون أطال المد المسمى عند علماء التجويد بمد اللين: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>