يعني: هنا نتصور الموضوع، أنه جاء وقد أُقيمت صلاة العشاء، فأدرك صلاة العشاء من أولها، فهو لا يجوز له أن يصلي العشاء وهو بعدُ لم يصل المغرب، فعليه أن يقتدي بهذا الإمام الذي يصلي العشاء، لكن هو ينوي صلاة المغرب؛ لأنه:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣].
وكما لا يجوز للمسلم عادةً أن يقدم ويؤخر الصلاة، كذلك -لا يجوز ولو اقتدى بإمام يصلي صلاة العشاء-، لا يجوز له أن يصلي العشاء ثم يُثَنِّي فيصلي صلاة المغرب، وإنما يبتدئ الصلاة بصلاة المغرب وراء هذا الإمام الذي يصلي صلاة العشاء.
ونحن افترضنا: أنه اقتدى مع الإمام في أول الصلاة، فإذا ما قام الإمام إلى الركعة الرابعة، جلس هو ونوى المفارقة -نوى مفارقة الإمام-؛ لأنه زيادة على ثلاث ركعات في صلاة المغرب عامداً متعمداً يُبطلها، كمن صلى الصبح أربعاً أو ثلاثاً، أو صلى العشاء أو الظهر أو العصر ثلاثاً أو اثنتين، لا فرق في كل هذه الصور في بطلان الصلاة زيادة أو نقصاً.
ولهذا: فله مخرج، أن ينوي مفارقة الإمام؛ لأنه مضطر إلى أن يأتي بثلاث ركعات المغرب، ولا يتابعه في الرابعة، فإذا سلم هو فيقوم ويقتدي بالإمام، حيث كأنه يستأنف صلاة العشاء معه، ولو أدركه قبل السلام، هذا الذي ... .
الملقي: ما يقع في المخالفة يا شيخ: أنه يسلم قبل الإمام، نية المفارقة هذه، كيف؟
الشيخ: مضطر، مضطر هذا للمخالفة، هذه لا بد منها؛ لأنه أيُّ المخالفتين صاحبها أعذر: أذاك الأنصاري الذي دخل مقتدياً وراء معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، وهو يصلي بقومه صلاة العشاء الآخرة، فلما افتتح سورة البقرة قطع الصلاة وانصرف يصلي وحده، أي الرجلين أعذر: هذا أم الذي قلناه آنفاً.
لا شك أن الأول أعذر؛ لأنه يريد أن يصحح الصلاة التي فرضها الله عليه