في صلاة الفجر ورأى رجلاً يصلي سنة الفجر وقد أقيمت الصلاة، قال له:«آلصبح أربعاً، آلصبح أربعاً»؛ لأنه زاد نافلة على الفريضة، أما هذا الذي يصلي ثلاث ركعات الفرض، هذا صلى مكتوبةً، وإن كانت كيفيتها تختلف عن تلك، ولذلك قلنا: إنه لا بد من المفارقة.
بعدين أصل المفارقة -أيضاً- يعني ثابتة في بعض الصور الأخرى، فهي تُخفِّف من شؤم المخالفة فيما نحن في صدده.
لعل كثيراً من إخواننا الحاضرين يعلمون أن صلاة الخوف التي بطبيعة الحال ما أظنها أحييت في هذه الفتنة التي وقعت في هذا الزمان، فصلاة الخوف هذه لها صور عديدة، منها: أن الإمام يصلي ركعتين لنفسه، لكن الجماعة لكلٍ منهم ركعة، وذلك بأن ينقسم المحاربون للكفار صفين أو طائفتين.
الآن الحقيقة: المسألة تحتاج إلى شيء من الفقه الجديد، لكن ها إلي بيهمنا أن الرسول -عليه السلام- بالنسبة لذلك الزمان كان صلى بأصحابه الكرام صلاة الخوف في صور عديدة جداً، بلغت من حيث الرواية خمس عشرة كيفية، لكن يقول ابن قيم الجوزية -رحمه الله-: لا يصح إلا سبع كيفيات فقط.
من هذه الكيفيات الصحيحة: ينتصب الإمام، يستقبل القبلة، وقد يكون العدو في دُبُر القبلة، بمعنى: الشمال، فلا يستطيع الإمام أن يستقبل الشمال، بِدُّو يستقبل الجنوب، فهو لو صلى بجميع أصحابه، ممكن أن يَغْدُر به المشركون، ولذلك فكان يقسم الصحابة قسمين: قسم في وجه العدو، وقسم بيصلي خلفه -عليه السلام-، فيصلي الركعة الأولى، فينوي الصف الذي خلف الرسول المفارقة، يجلسون ويتشهدون ويسلمون، ويذهبون، ويأخذون مَصَافّ الجماعة التي كانت تُجَاه العدو.
ثم تأتي هذه الجماعة وتقتدي مع الرسول، وهو ينتظرهم قائماً للركعة الثانية، فيسلم بهم، فتكون للرسول ركعتان، ويكون للجماعة ركعة واحدة، وهذا من معاني قوله -عليه السلام-: «صلاة الخوف ركعة» صلاة الخوف ركعة.