تقسيم، ما ينبغي للإمام وما ينبغي للمأموم، فإذا قال الإمام:«سمع الله لمن حمده»؛ فقولوا أنتم معشر المقتدين:«ربنا ولك الحمد».
ليس المقصود من هذا الحديث أن الإمام لا يقول ربنا ولك الحمد، كما أنه ليس المقصود أنَّ المقتدي لا يقول سمع الله لمن حمده، وإنما المقصود أن يأتي قول المقتدي:«ربنا ولك الحمد» بعد أن يقول الإمام: «سمع الله لمن حمده»، فهذا الحديث ينبغي تفسيره على ملاحظةِ أمرين أثنين أحدهما نص الحديث، والآخر التفقه في حديث آخر وإمعان النظر فيه، أما الحديث الأول فهو عموم قوله - عليه الصلاة والسلام-: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولاشك أن عامة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على مرأى من الناس وعلى مسمع منهم إنما كانت صلاة الفريضة، فإذا قال عليه الصلاة والسلام لعامة الناس:«صلوا كما رأيتموني اصلي» فإنما يعني أنه لا فرق بين المُخاطبين أن يكون إمامًا أو أن يكون مقتديًا، أو أن يكون منفردًا فكل هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء عليهم أن تكون صلاتهم كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن الخطاب المذكور:«صلوا كما رأيتموني اصلي» يشملهم جميعًا، فإذا كان من الثابت في السنة الصحيحة - كما في صحيح البخاري -من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده فإذا قام أي استتم قائمًا قال: ربنا ولك الحمد وهذا هو الموضع الثاني الذي ينبغي النظر فيه والتأمل فيه، فسنته - صلى الله عليه وسلم - في الجمع بين هذين الذكرين: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد؛ أن أحدهما في حالةٍ والآخر في حالةٍ آخرى، الأول وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - سمع الله لمن حمده: في أثناء اعتدال الإمام في أثناء رفع رأسه من الركوع سمع الله لمن حمده، لا يرفع رأسه ثم يقول وهو قائم سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد؛ لا، وإنما وهو يرفع رأسه من الركوع يقول سمع الله لمن حمده، فإذا ما استتم قائمًا جاء موضع الورد الثاني ربنا ولك الحمد، كذلك على كل مصلٍ - ولو كان مقتديًا - أن يفعل كفعله عليه
السلام أن يقول وهو رافع رأسه من الركوع: سمع الله لمن حمده، ويكون هذا بطبيعة الحال بعد أن يكون الإمام بدأ - على الأقل - برفع رأسه وبقوله