سمع الله لمن حمده، المقصود أن للاعتدال وردًا وللقيام الثاني وردًا آخر، فورد الاعتدال: سمع الله لمن حمده، وورد القيام الثاني: ربنا ولك الحمد، على هذا ينبغي على المصلي ولو كان مقتديًا أن يجمع بين الأمرين.
أمّا الواقع اليوم فعلى خلاف ذلك تمامًا؛ لأن المقتدي حين يقتصر على قوله ربنا ولك الحمد إن قال ذلك وهو يرفع رأسه فسيظل قائمًا دون وردٍ ودون ذكرٍ وهذا خلاف السنة، وإن رفع رأسه حتى استتم قائمًا دون أن يذكر شيئًا ثم قال ربنا ولك الحمد، فقد جاء بالورد الثاني في حال قيامه وأضاع على نفسه الورد الأول في حال رفع رأسه من الركوع، هذا ما ينبغي أن يلاحظه المقتدي، أما الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«فإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد» فلا يعني لما ذكرته آنفًا أن المقتدي لا يقول سمع الله لمن حمده كما يقول الإمام.
ويشبه هذا تمامًا حديث آخر وهو أيضًا في صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث:«إنما جعل الإمام ليأتم به فإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين؛ فقولوا آمين» هذا الحديث إذا وقفنا عنده وحده، وذهبنا إلى ظاهره أخذنا منه أن الإمام لا يقول آمين، وبهذا يقولُ كثير من المالكية قديمًا وحديثًا جمودًا منهم على ظاهر الحديث لأنه قال: إذا قال الإمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} لم يقل آمين، وإنما قال إذا قال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا أنتم آمين، ولكن لا ينبغي أن نأخذ من هذا الحديث حكم تأمين الإمام سلبًا أو إيجابًا، وإنما ينبغي أن نربط به روايةً آخرى من حديث أبي هريرة ايضًا وهو متفق عليه، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«إذا أمّنّ الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِر له ما تقدم من ذنبه» وحينئذٍ فالرواية الأولى وإذا قال {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} آمين»؛ يجب أن نضم إليها زيادة الرواية الآخرى فنقول في تفسيرها: وإذا قال الإمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} آمين فقولوا أنتم آمين، هكذا طريقة الجمع بين الأحاديث وبذلك يتبين لنا ما خلاصته: أن المقتدي يقول مع الإمام سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد