للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراءة» «ص ٢٤» عن معقل بن مالك قال: حدثنا أبو عوانة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: «إذا أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة». فإنه مع مخالفته لتلك الآثار ضعيف الإسناد، من أجل معقل هذا، فإنه لم يوثقه غير ابن حبان: وقال الأزدي: متروك، ثم إن فيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس: فسكوت الحافظ عليه في «التلخيص» «١٢٧» غير جيد. نعم رواه البخاري من طريق أخرى عن ابن إسحاق قال: حدثني الأعرج به لكنه بلفظ: «لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائما». وهذا إسناد حسن، وهذا لا يخالف الآثار المتقدمة بل يوافقها في الظاهر إلا أنه يشترط إدراك الإمام قائما، وهذا من عند أبي هريرة، ولا نرى له وجها، والذين خالفوه أفقه منه وأكثر، ورضي الله عنهم جميعا. فإن قيل: هناك حديث آخر صحيح يخالف بظاهره هذا الحديث وهو: «زادك الله حرصا، ولا تعد».

رواه أبو داود والطحاوي وأحمد والبيهقي وابن حزم من حديث أبي بكرة أنه جاء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته، قال: أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ فقال أبو بكرة: أنا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم، وأصله في «صحيح البخاري» وقد خرجته في «إرواء الغليل» «رقم ٦٨٤، ٦٨٥». والقصد من ذكره هنا أن ظاهره يدل على أنه لا يجوز الركوع دون الصف ثم المشي إليه، على خلاف ما دل عليه الحديث السابق، فكيف التوفيق بينهما؟ فأقول: إن هذا الحديث لا يدل على ما ذكر، إلا بطريق الاستنباط لا النص، فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تعد» يحتمل أنه نهاه عن كل ما ثبت أنه في هذه الحادثة، وقد تبين لنا بعد التتبع أنها تتضمن ثلاثة أمور: الأول: اعتداده بالركعة التي إنما أدرك منها ركوعها فقط. الثاني: إسراعه في المشي، كما في رواية لأحمد «٥/ ٤٢» من طريق أخرى عن أبي بكرة أنه جاء والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوت نعل أبي بكرة وهو يحضر «أي يعدو» يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من الساعي؟ قال أبو بكرة: أنا. قال: فذكره وإسناده حسن في المتابعات، وقد رواه ابن السكن في

<<  <  ج: ص:  >  >>