للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدركناه من الركوع هل نكون مدركين للركعة؟

الشيخ: هذه مسألة خلافية بين جمهور الأئمة وبعض الأئمة، جمهور الأئمة وفي مقدمتهم الأئمة الأربعة على أن مُدرِك الركوع مدرِكٌ للركعة، بعض الأئمة كالإمام البخاري من السّلف والإمام الشوكاني من الخلف الصالح يرون - وما بينهما كثير- يرون أنَّ مُدرِك الركوع لا يعتدُّ بتلك الركعة؛ لأنه قد فاته قراءة الركن ألا وهو الفاتحة، وأرى أن المذهب الأول مذهب الجمهور هو الصواب في هذه المسألة، وإن كنتُ كما تعلمون إن شاء الله لست جمهوريًّا وإنما أنا أتّبع الحق حيث ما كان مع الكثير أو القليل، وذلك لأسباب منها وهو أهمّها أنّه قد ثبت لدي الحديث الذي رواه أبو داوود في سننه: «أن من أتى الإمام وهو راكع فليركع وليعتدّ بالرَّكعة، وإذا وَجد الإمام ساجدًا فليسجد ولا يعتد بالركعة»، فأُخذ من هذا أن مدرك الركوع مدركٌ للركعة، لكن حديث أبي داود بلا شك فيه ضعفٌ ظاهر وإن كان هذا الضعف ليس شديدًا، بل ولو كان شديدًا لاستغنينا عنه بإسنادين آخرَين مدارهما على رجلٍ من الأنصار، وأعني بإسنادَيْن باعتبار من أخرجهما، ولا أعني بإسنادَين كل من المخرجين رواه بإسناد أولاً ثم رواه آخر بإسناد ثاني، لا، وإنما أعني أن الإمام البيهقي -رحمه الله- روى لهذا الحديث الذي في سنن أبي داود [ ... ]

بإسناد قويّ عن رجل من الأنصار من طريق عبد العزيز بن رفيع عن رجلٍ من الأنصار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكر معنى الحديث الذي ذكرته لكم آنفا، علة هذا الإسناد في رواية البيهقي أنّنا لم نعلم أنّ هذا الرجل الأنصاري أهو تابعي أم صحابي، وإن كان يتبادر إلى الذهن أنه صحابي لأنَّ الراويَ عنه تابعي معروف وهو عبد العزيز بن رفيع، ولكن الإنصاف يقتضينا أنَّ هذا التلازم ليس ضروريًّا في الأسانيد أي لا يلزم من رواية تابعيٍّ عن رجل من الأنصار أو رجل من المهاجرين أن يكون هذا الرجل أو ذاك صحابيًّا، لاحتمال أن يكون ابن صحابي من جهة، ولأنَّه قد وقفنا مرارًا وتكرارًا على بعض الأسانيد يرويه التّابعي عن تابعي عن صحابي، وذكر الحافظ ابن حجر أنه بالاستقراء تبيّن أن في بعض الأحاديث بين التابعي الأول والصحابي أربعة من التابعين آخرين، أي خمسة تابعين على التسلسل ثم يأتي بعد ذلك الصحابي تابعي

<<  <  ج: ص:  >  >>