عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن الصحابي، فضلاً عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابي، فضلاً عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابي وهكذا، فحينما نجد مثل هذه الرواية عبد العزيز بن رفيع تابعي عن رجل من الأنصار تُرى هذا صحابي أم تابعي؟ يحتمل، ثم وجدنا والحمد لله أنّ هذا الاحتمال طاحَ وراحَ إلى حيث لا رجعة، فقد جاء في كتاب المسائل لإسحاق بن منصور المروزي عن الإمام أحمد وعن إسحاق بن راهويه، روى المروزي هذا بإسناده الصحيح عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل من الأنصار من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهذا غطى الموضوع وجعل الإسنادَ موصولاً بعد أن كان يحتمل أن يكون مرسلاً وبذلك صحّ الحديث وقامت الحُجّة، يُضاف إلى ذلك آثار عن كبار الصحابة على رأسهم أبو بكر الصديق وآخرهم سنًّا عبد الله بن عمر بن الخطاب كلهم قالوا بأن مدرك الركوع مدركٌ للركعة، فاتفقت الآثار السلفية الصحيحة مع هذا الحديث الصحيح والحمد لله
وثبتَ بذلك أرجحيّة مذهب الجمهور على المخالفين، وإن كان بعض العاملين بالحديث إلى زمننا هذا لا يزالون يفتُون بأنّ مدرك الركوع ليس مدركًا للركعة وأذكر أن أحد الغماريّين وإن كان هو من أهل الأهواء ومن الصوفية الذين لهم طرق انحرفوا بها عن السنة ألّف رسالةً يؤكد فيها أنّ الصواب أنَّ مُدرِك الركوع ليس مدركًا للركعة، والواقع أنه هو شأنه في ذلك شأن بعض أهل الحديث في الهند فاتتهم هذه الرواية الصحيحة التي لا تزال موجودةً في ذاك المخطوط النادر العزيز في المكتبة الظاهرية مخطوط من النوادر لأنه يعود تاريخ كتابته إلى العهد القريب من الإمامين أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. لو أنهم وقفوا على هذه الرواية لانقلبت وجهة نظرهم من تأييد الرأي المخالف للجمهور إلى تأييد رأي الجمهور في هذه المسألة، وهم لا يَخفى عليهم بعض تلك الآثار على الأقل ولكنّهم يطبقون القاعدة التي ينبغي على المسلم أن يلتزمها وهي أن الأثر إذا جاء مخالفًا للنصّ ولو باجتهاد فلا ينبغي الأخذ بالأثر، أعني بالأثر هنا ما أشرت إليه آنفًا من الأثر عن أبي بكر وعن ابن عمر وبينهما جماعة