للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمدة تختلف باختلاف المسافة طولا وقصرا حتى يدركوا الصلاة، شأنهم في ذلك شأنهم في صلاة العيدين في المصلى أو المسجد التي لا يشرع لها أذان ولا إعلام بدخول الوقت. نعم لا نرى مانعا من هذا الأذان العثماني إذا جعل عند باب الثكنة الخارجي لأنه يسمع المارة على الجادة ويعلمهم أن في الثكنة مسجدا تقام فيه الصلاة فيؤمونه ويصلون فيه، كما قد يسمع من يكون في البيوت القريبة من الجادة (١) ولكن ينبغي أن لا يفصل بين الأذانين إلا بوقت قليل لأن السنة الشروع في الخطبة أول الزوال بعد الأذان كما يشير إلى ذلك قوله في الحديث السابق: «أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر وإذا قامت الصلاة» أي قام سببها وهو الزوال، وفي أحاديث أخرى أصرح من هذا سيأتي ذكرها عند الجواب عن الفقرة الرابعة إن شاء الله تعالى. ولا يفوتني أن أقول: إن هذا الذي ذهبنا إليه إنما هو إذا لم يذع الأذان عند باب المسجد بالمذياع أو مكبر الصوت وإلا فلا نرى جوازه لأنه حينئذ تحصيل حاصل كما سبق بيانه.

الجواب عن الفقرة الثانية:

٢ - إن إذاعة الأذان من المسجد المذكور بالمذياع لا يغير من حكم المسألة شيئا لما سبق بيانه قريبا ونزيد هنا فنقول: قد مضى أن عثمان رضي الله عنه إنما زاد الأذان الأول: «ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت» فإذا أذيع الأذان المحمدي بالمذياع فقد حصلت الغاية التي رمى إليها عثمان بأذانه وأعتقد أنه لو كان هذا المذياع في عهد عثمان وكان يرى جواز استعماله كما نعتقد لكان رضي الله عنه اكتفى بإذاعة الأذان المحمدي وأغناه عن زيادته.

[الأجوبة النافعة ص ٨ - ١٤]


(١) ونحو هذا ما جاء في تاريخ مكة للفاكهي قال ص ١١: وكان أهل مكة فيما مضى من الزمان لا يؤذنون على رؤوس الجبال وإنما كان الأذان في المسجد الحرام وحده فكان الناس تفوتهم الصلاة من كان منهم في فجاج مكة وغائبا عن المسجد حتى كان في زمن أمير المؤمنين هارون فقدم عبد الله بن مالك وغيره من نظرائه مكة ففاتته الصلاة ولم يسمع الأذان فأمر أن تتخذ على رؤوس الجال منارات تشرف على فجاج مكة وشعابها يؤذن فيها للصلاة وأجرى على المؤذنين في ذلك أرزاقا ... ثم قطع ذلك عنهم فترك ذلك بعدهم. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>