للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائل: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» (١)

متفق عليه. وبنحو ما ذكرنا قال الإمام الشافعي ففي كتابه «الأم» «١/ ١٧٢ - ١٧٣» ما نصه: «وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على المنبر فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه». ثم ذكر حديث السائب المتقدم ثم قال: «وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول: أحدثه معاوية (٢) وأيهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي، فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته». وكذلك نقول في المسجد الوارد ذكره في السؤال: إنه ينبغي أن يجري فيه على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا على سنة عثمان وذلك لأمرين:

الأمر الأول: أن الأذان فيه لا يسمع من سكان البيوت لبعدها كما جاء في السؤال، بل ولا يسمع حتى من المارة في الطريق الذي يلي الثكنة من الناحية الشرقية والجنوبية، فالأخذ حينئذ بأذان عثمان لا يحصل الغاية التي أرادها به عثمان فيكون عبثا في الشرع ينزه عنه المسلم.

الأمر الثاني: أن الذين يأتون إلى هذا المسجد إنما يقصدونه قصدا ولو من مسافات شاسعة فهؤلاء ولو فرض أنهم سمعوا الأذان - فليس هو الذي يجلبهم ويجعلهم يدركون الخطبة والصلاة فإنه - لبعد المسافة بينهم وبين المسجد - لا بد لهم من أن يخرجوا قبل الأذان


(١) ونقل الشيخ عبد الحي الكتاني في التراتيب الإدارية ١/ ٨٠ - ٨١ عن كتاب إنارة البصائر في مناقب الشيخ ابن ناصر وحزبه الهداة الأكابر ما نصه:

كان - يعني الشيخ سيدي محمد بن ناصر - يقتصر يوم الجمعة على مؤذن واحد وأذان واحد غير الإقامة أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يكن في زمنه ولا في زمن أبي بكر رضي الله عنه على ما هو الأشهر وصدر من خلافة عثمان وكان لا يؤذن في زمنه عليه الصلاة والسلام إلا مؤذن واحد هذا هو الصحيح والمعتمد كما في فتح الباري والأبي اهـ. ولقد ذكر الحافظ ٢/ ٣٢٧ أن العمل بهذه السنة استمر في المغرب حتى زمنه أعني ابن حجر أي القرن الثامن. [منه].
(٢) قلت: لا وجه لهذا الإنكار فقد تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده فهو المعتمد كما قال الحافظ ٢/ ٣٢٣٨ ولو لم يكن فيه إلا حديث السائب لكفى وأما إحداث معاوية إياه فمما لا أعرف له إسنادا. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>