وأما ما جاء في السؤال من إضافة علة أخرى إلى الكثرة وهي ما أفاده بقوله:«وانغمسوا في طلب المعاش» فهذه الزيادة لا أصل لها فلا يجوز أن يبني عليها أي حكم إلا بعد إثباتها ودون ذلك خرط القتاد (١).
وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادرا وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص بالناس على رحبها كما كان الحال في المدينة المنورة ليس فيها إلا مسجد واحد يجمع الناس فيه وقد بعدت لكثرتهم منازلهم عنه فلا يبلغهم صوت المؤذن الذي يؤذن على باب المسجد، وأما بلدة فيها جوامع كثيرة كمدينة دمشق مثلا لا يكاد المرء يمشي فيها إلا خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات وقد وضع على بعضها أو كثير منها الآلات المكبرة للأصوات فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان ألا وهو إعلام الناس: أن صلاة الجمعة قد حضرت كما نص عليه في الحديث المتقدم: وهو ما نقله القرطبي في تفسيره «١٨/ ١٠٠» عن الماوردي: «فأما الأذان الأول فمحدث فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها، وإذا كان الأمر كذلك فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل حاصل وهذا لا يجوز لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيد على شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون سبب مبرر، وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ولا يأخذ بزيادة عثمان كما في «القرطبي». وقال ابن عمر:«إنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صعد المنبر أذن بلال فإذا فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من خطبته أقام الصلاة والأذان الول بدعة». رواه أبو طاهر المخلص في «فوائده»«ورقة ٢٢٩/ ١ - ٢».
والخلاصة: أننا نرى أن يكتفى بالأذان المحمدي وأن يكون عند خروج الإمام وصعوده على المنبر لزوال السبب المبرر لزيادة عثمان واتباعا لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو