فإنما قيده بذلك ليخرج من عموم:«بعد أن تزول الشمس» صلاة الجمعة فقد آب الحديث متفقا مع الأحاديث المتقدمة النافية لسنة الجمعة القبلية.
خامسا: لو سلمنا بـ «عمومية الحديث» لقلنا بأنه من العام المخصوص بدليل النصوص المتقدمة ولهذا لا يقال أن العلة المذكورة فيه: «إنها ساعة .... الخ» تقتضي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل الجمعة أيضا لأنا نقول: يمنع من ذلك الأدلة المشار إليها، على أن غاية ما تفيده هذه العلة محبته - صلى الله عليه وسلم - أن يصعد له في تلك الساعة عمل صالح ولا نشك في أن ذلك كان حاصلا له - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة أكثر من غيره من الأيام، ذلك لأنه في تلك الساعة كان يخطب خطبة الجمعة التي لا بد منها، يعظ الناس ويذكرهم بربهم ويعلمهم أمور دينهم فذلك أفضل له - صلى الله عليه وسلم - من أربع ركعات فائدتها خاصة به بينما تلك فائدتها عائدة على المجموع فكانت أفضل.
سادسا:«صحيح» روى البخاري «١/ ٣٩٤» عن ابن عمر قال: «صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين بعد الجمعة وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء».
ورواه مسلم «٢/ ١٦٢» وزاد: «فأما المغرب والعشاء والجمعة فصليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته». فهذا كالنص على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي قبل الجمعة شيئا لا في البيت ولا في المسجد إذ لو كان شيء من ذلك لنقله لنا ابن عمر رضي الله عنه كما نقل سنتها البعدية وسنة الظهر القبلية فذكر هذه السنة للظهر دون الجمعة أكبر دليل على أنه ليس لها سنة قبلية، فبطل بذلك دعوى وقوع هذا المجوز كما يبطل به دعوى قياس الجمعة على الظهر في السنة القبلية. لم يقل أحد من الأئمة بالسنة القبلية: فثبت مما تقدم أن لا دليل في حديث أبي أيوب على سنية أربع ركعات قبل الجمعة بعد الزوال «ولهذا جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة موقتة بوقت مقدرة بعدد لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعله، وهو لم يسن في ذلك شيئا لا بقوله ولا بفعله وهذا مذهب الشافعي وأكثر أصحابه وهو المشهور في مذهب