للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وتفرُّد هذا الكذاب برواية هذا الحديث من الأدلة الظاهرة على صدق قول أبي شامة: أنه لو جرى ذلك لنقله أزواجه، وذلك لأنه لو وقع لنقله الثقات الذين تقوم بهم الحجة، ولا يعقل أن يصرفهم الله عن نقله ويخص به أمثال هذا الكذاب فذلك دليل على اختلاقه لهذا الحديث وأنه لا أصل له.

رابعا: أن العموم الذي ادعاه في الحديث الذي أشار إليه غير صحيح عند التأمل في نصه الوارد في كتب السنة المطهرة بل هو خاص بصلاة الظهر، وإنما جره إلى هذا الخطأ خطأ آخر وقع له في نقل الحديث في المكان الذي أشار إليه وأحال عليه فقد قال فيه «١/ ٣١٧»: أخرج أبو داود في سننه والترمذي في الشمائل عن أبي أيوب الأنصاري عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء». وضعف بعبيدة بن معتب الضبي. وله طريق آخر قال محمد بن الحسن في الموطأ: «حدثنا بكر ابن عامر البجلي عن إبراهيم والشعبي عن أبي أيوب الأنصاري أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعا إذا زالت الشمس، فسأله أبو أيوب عن ذلك فقال: إن السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يعد لي في تلك الساعة خير، قلت: أفي كلهن قراءة؟ قال نعم قلت: أيفصل بينهن بسلام؟ قال: لا». والعموم الذي سبق أن أشار إليه هو قوله: «كان يصلي أربعا إذا زالت الشمس» وصحيح أن هذا عموم وأنه يشمل زوال الجمعة كما يشمل زوال الظهر. ولكن ليس صحيحا نقله بهذا اللفظ الشامل فإن سياقه في موطأ محمد «ص ١٥٨» هكذا: «كان يصلي قبل الظهر أربعا إذا زالت الشمس» الحديث.

وهكذا نقله الزيلعي في نصب الراية «٢/ ١٤٢» عن الموطأ فقد عاد الحديث إلى أنه خاص بصلاة الظهر وزواله كما رجع حجة عليه لا له. ومثل هذا الحديث بل أصرح منه حديث عبد الله بن السائب: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال: إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح». أخرجه أحمد «٣/ ٤١١» والترمذي «٢/ ٣٤٣» وحسنه وإسناده صحيح على شرط مسلم. فانظر إلى النكتة في قوله: «قبل الظهر» عقب قوله: «بعد أن تزول الشمس» فإن كل أحد يعلم أن الزوال إنما يكون قبل الظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>