قدمنا في باب النوافل من عموم أنه كان يصلي إذا زالت الشمس أربعا ويقول:«هذه ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح» وكذا يجب في حقهم لأنهم أيضا يعلمون الزوال».
قلت: وهذا التعقب لا طائل تحته وهو مردود من وجوه:
أولا: أنه بناه على أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - كان بعد الزوال بالضرورة وليس كذلك على الإطلاق بل كان يخرج أحيانا قبل الزوال كما تقدم.
ثانياً: تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبادر إلى الصعود على المنبر عقب الزوال مباشرة فأين الوقت الذي يتسع لهذا الأمر المجوز؟
ثالثا: لو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربع ركعات بعد الزوال وقبل الأذان لنقل ذلك عنه لا سيما وأن فيه أمرا غريبا غير معهود مثله في بقية الصلوات وهو الصلاة قبل الأذان ومثله صلاة الصحابة جميعا لهذه السنة في وقت واحد في المسجد الجامع فإن هذا كله مما تتوافر الدواعي على نقله وتتضافر الروايات على حكايته، فإذا لم ينقل شيء من ذلك دل على أنه لم يقع. وقد قال أبو شامة في كتابة:«الباعث على إنكار البدع والحوادث»: «فإن قلت لعله - صلى الله عليه وسلم - صلى السنة في بيته بعد زوال الشمس ثم خرج؟ قلت: لو جرى ذلك لنقله أزواجه رضي الله عنهن كما نقلن سائر صلواته في بيته ليلا ونهارا وكيفية تهجده وقيامه بالليل وحيث لم ينقل شيء من ذلك فالأصل عدمه ودل على أنه لم يقع وأنه غير مشروع».
قلت: وأما الحديث الذي رواه أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن ياسر في حديث أبي القاسم علي بن يعقوب «١٠٨» عن إسحاق بن إدريس ثنا أبان ثنا عاصم الأحول عن نافع عن عائشة مرفوعا بلفظ: «كان يصلي قبل الجمعة ركعتين في أهله».
فهو باطل موضوع وآفته إسحاق هذا وهو الأسواري البصري قال ابن معين:«كذاب يضع الحديث».