الشافعي رحمه الله، وإن كان هناك رأي آخر أنه إذا اتسعت البلدة وَوُجِدَ فيها مسجدان كبيران، فيجوز التَّعَدُّد فيهما.
وهذا القول لا بد منه لسببين اثنين:
السبب الأول: أنه لا يوجد في السُّنَّة فضلاً عن الكتاب بيان مثل هذا الشرط وهو عدم تَعَدُّد الجمعة.
الشيء الثاني هو: قوله تعالى كقاعدة عامة كما هو معلوم عند كل طلاب العلم هي قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].
فلا يمكن بَدَاهةً أن يجتمع الناس كل الناس في البلدة الواحدة في المسجد الواحد حينما يكون البلد واسعاً، فيه الألوف المُؤَلَّفة فضلاً أن يكون فيها الملايين المملينة.
فإذا كان لا يوجد دليل في الكتاب والسنة على مثل هذا الشرط وكان التَقَيُّد بمثل هذا الشرط يُوْقِع الناس في الحَرَج وكما يقال: في حَيْص بَيْص، في حيرة: يا تُرى صَحَّت صلاتُنا أو ما صَحَّت صلاتنا؟
مثل هذا لا يُعْرَف في الشريعة التي من أصولها قول رَبِّنا تبارك وتعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥].
لذلك: فاشتراط وحدة الجماعة في الجمعة لا دليل عليه في الكتاب والسنة، بل هو ضد الكتاب والسنة؛ لما فيه من إيقاع الناس في الحَرَج.
ولكن ما هو مستند الإمام الشافعي رحمه الله حينما ذهب إلى شرطية ذلك الشرط المرجوح فيما شرحت آنفاً؟
إن له مُلْحَظاً له وجاهة، ولكن لا يتضمن تلك الشرطية، ملحظه في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن الجمعة تَتَعَدَّد في زمانه، وقد كانت صلاة الجمعة وحيدة في مسجده عليه السلام وقد كان أصحاب القرى أهل القرى، أهل العوالي الذين كانوا خارج المدينة وحول المدينة كانوا ينزلون يوم الجمعة إلى المسجد النبوي صلى الله