فالشاهد: فلاحظ الشافعي رحمه الله أن صلاة الجماعة في صلاة الجمعة ما كانت تتعدد فاتخذ ذلك شرطاً.
لكن هذا يُمكن إذا أردنا أن نُعَبِّر عنه بأنه شرط، وأن نساري -نجاري- الإمام الشافعي في قوله بشرطية هذه الوحدة أن نقول: هي شرط كمال وليس شرط صحة.
وعلى هذا نقول: لا يَحْسُن تعداد الجماعات في كل مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، فيجب التفريق بين المساجد وبين الجوامع، فالمسجد الجامع هو الذي ينبغي أن يُقْصَد في صلاة الجمعة، أما المساجد الصغيرة التي مُهَيّأة للناس في الحارات وفي المحلات لصلاة الجماعة، فهذه تُتْرك لصلاة الجماعة، ولا يجوز - أقول - تفريق الجماعات التي تتجمع وتتكتل في المساجد الجوامع، لا يجوز تفريقها بإقامة صلاة الجمعة في هذه المساجد الصغيرة؛ لأن المساجد الصغيرة كانت في عهد الرسول عليه السلام, فأنتم تعلمون أن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي صلاة العشاء وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي قومه فيؤُمُّهم، يُصَلِّي بهم صلاة العشاء، هي له نافلة وهي لهم جماعة.
فتعدد المساجد التي تقام فيها صلاة الجماعة كانت معروفة في عهد الرسول عليه السلام، وفي ذلك بلا شك توسعة على المسلمين.
أما تَعَدُّد الجوامع لم تكن موجودة في عهد الرسول عليه السلام.
فهذا الواقع هو الذي لاحظه الإمام الشافعي، فقال بأن الصلاة تَبْطُل إذا تَعدّد ولو في مساجد كبيرة. هذا في قول له.
في القول الآخر: لما وُجِدَت بغداد القديمة وبغداد الجديدة، وفَرَّق بينهما نهر دجلة قال: يجوز إقامة جمعتين في كل من القسمين. هذا خلاصة ما يمكن أن يقال بالنسبة لهذا الشرط.
وهناك شروط أخرى، لكن البحث فيها يطول ونخرج عمَّا أشرنا إليه في مطلع