للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنسبة للبادية - كما ذكر آنفاً - فكثير من العلماء يقولون بأن أهل البوادي لا تجب عليهم صلاة الجمعة، وإنما عليهم أن يُصَلُّوها ظهراً.

هذا يقال فيه ما قيل آنفاً في شرط عدم التَعَدُّد، أي: لا دليل في الكتاب ولا في السنة على أن أهل البوادي لا جمعة عليهم، أهل البوادي لهم حالة من حالتين كأهل المدن والقرى: إما أن يكونوا مسافرين أو أن يكونوا ظاعنين مقيمين.

فإن كانوا مسافرين فلا فرق بينهم كالبادية وبين المسافرين كأهل المدن، فالمسافر مطلقاً - كما سمعتم في الحديث السابق - ليس ماذا؟ عليه جمعة.

أما إذا كانوا مقيمين فعليهم إقامة الجمعة؛ لأن هذا فرض كما يقول بعض الفقهاء: بديل عن صلاة الظهر، لأنها تتميز بخطبة الجمعة، يعظ ويُذَكِّر ونحو ذلك من العلم.

فالقول بأن أهل البوادي لا يصلون الجمعة، هذا وإن كان منقولاً عن بعضهم ولكن لا دليل عليه أولاً.

ثم قد جاءت بعض الآثار السلفية الصحيحة تؤكد هذا الذي نقوله، ألا وهو ما رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ولعله أيضاً عن عمر بن الخطاب: أنه كتب إلى أهل البوادي أن يقيموا الصلاة حيث هم مقيمون.

فإذاً: على المسلمين جميعاً أن يصلوا صلاة الجمعة حيثما كانوا، وكل شرط سوى ما ذكرته آنفاً فهو كما قال عليه السلام: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، ولو كان مائة شرط».

وفَهْمُ هذه القضية على هذه التوسعة الشرعية مُهِمَّة جداً جداً وبخاصة في عصرنا الحاضر، فإن هناك من الشروط ما يُبْطِل صلاة كثير من الألوف من المسلمين الذين سافروا ولا أقول: هاجروا، لأنهم ما هاجروا، لأن الهجرة إنما تكون من دار الكفر إلى دار الإسلام، والذين أشير إليهم إنما سافروا من بلاد الإسلام إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>