دار الكفر، ومع ذلك فهم يسمون أنفسهم بأنهم مهاجرون. هذا قلب للحقيقة الشرعية.
فالمهاجرون الأولون - كما تعلمون - هاجروا من مكة التي هي خير بلاد الله وأحب بلاد الله إلى الله ثم إلى نبيه عليه السلام حيث لما هاجر منها التفت إليها وقال لها:«ولولا أن قومكِ أخرجوني منكِ ما خرجت».
هؤلاء الذين تركوا بلادهم هذه المفضلة، هاجروا من مكة إلى المدينة، هؤلاء هم المهاجرون حقاً، لماذا؟ لأنهم هربوا بدينهم ونجوا بعقيدتهم عن عقيدة أهل الشرك والضلال إلى دار الهجرة وهي المدينة المنورة.
أما هؤلاء المسلمون فهم قلبوا الحقيقة حينما هاجروا من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر فهذه ليست هجرة.
صحيح الهجرة مشتقة من الهَجْر وهو الترك، لكن صارت الهجرة في لغة الشرع خاصة بالسفر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، فتلك هي الهجرة.
والشاهد من هذا الكلام: أن كثيراً من المسلمين الذين ابْتُلوا اليوم بالسفر من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر، لا تصح صلاتهم في تلك البلاد صلاة الجمعة، لا تصح صلاتهم لماذا؟
لأن هناك شرطاً في المذهب الحنفي أن يكون صلاة الجمعة حينما تقام بإذن الحاكم المسلم، وأين الحكام المسلمون اليوم؟ حتى في عقر دار الإسلام بالكاد أن تجد حاكماً يحكم بما أنزل الله، فكيف ببلاد يحكمها الكافر الصليبي أو اليهودي؟ .
الآن فلسطين -مثلاً- لا نذهب بكم بعيداً، فلسطين في هذا الرأي لا تصح فيها صلاة الجمعة، لماذا؟ لأنهم يُقِيْمونها وليس هناك حاكم مسلم قد أذن له في الإقامة.
ولقد سُرِرت بقدر ما حَزِنت حينما قُدِّر لي أن أسافر إلى بريطانيا والتقيت هناك مع كثير ممن قلنا آنفاً إنهم يُسَمّون بالمهاجرين، ففيهم العربي وفيهم الباكستاني وفيهم التركي وو إلى آخره، كلهم مقيمون في بلاد بريطانيا، بعضهم في لندن،