الدعاء يوم الجمعة وبخاصةٍ التزام هذا الدعاء في الخطبة الثانية، ليس له أصل في السنة إطلاقاً، الخطبة الثانية كالأولى تماماً، ما يقصد من الأولى يقصد من الأخرى.
يقصد من الأولى التذكير والتنبيه، كذلك نفس الخطبة الثانية، لا فرق بين الأولى والأخرى، ولا فرق بين إذا لزم الأمر لأمر عارض طارئ، أن يدعو الخطيب على المنبر، في الخطبة الأولى أو الأخرى، ما في فرق؛ لأن القضية أنه ليس هناك سنة، أن يدعو الإنسان مثلاً يدعو أَحَدُنا بالتشهد، كما قال عليه الصلاة والسلام:«ثم لِيَتَخَيَّر من الدعاء ما شاء».
ويدعو حينما يرفع رأسه من الركوع «سمع الله لمن حمد ربنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد» إلى آخره.
لكن لم يرد في السنة إطلاقاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخص الخطبة الثانية يوم الجمعة بشيء من الدعاء، كما يفعل خطباء الجمعة في هذا الزمان.
لا نستثني منهم أحداً، لكن نفرق بين السلفي والخلفي، بين السُّنِّي والبدعي، من أي ناحية؟
السني مثلاً لا يجعل دعاءه، ولا يستحق أن يكون ذا دعاء عريض، بخلاف الخطباء الآخرين، الخطبة الثانية تكاد لا تسمع منهم فائدة إلا دعاء ودعاء ودعاء، ويضج المسجد بالتأمين، كل هذا خلاف السنة.
الأصل أن لا يكون هناك دعاءٌ إطلاقاً إلاَّ لأمر عارض، كالقنوت تماماً في الصلوات الخمس، لا يُشْرَع القنوت في أيِّ صلاة من الصلوات الخمس، ولو ندر.
لكن إذا نزلت في المسلمين نازلة، وأصابتهم مصيبة، دعا أئمة المساجد في آخر ركعة من الصلوات الخمس بما يناسب النازلة، وليس بدعاء القنوت الذي هو من دعاء الوتر، «اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت» لا، يدعوا بما يناسب النازلة.