للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا: عرفنا هذه الحقيقة، عرفنا من هو المبتدع.

فيُشْتَرط في المبتدع إذًا شرطان، الأول: ألاّ يكون مجتهدًا وإنما يكون متبعا للهوى.

الثانية أو الثاني: يكون ذلك من عادته ومن دَيْدنه.

فإذا لاحظنا هذين الشرطين وجئنا إلى أثر أبي هريرة المذكور آنفا، عرفنا أن كُلَّا من الشرطين غير متوفر في أبي هريرة، نحن نقول: نعم هذه بدعة؛ لأنها مخالفة للسنة وسيأتي البيان، لكن ما نقول إن أبا هريرة مبتدع.

ومن هنا غاب عن أذهان كثير من إخواننا أهل السنة في الديار السعودية حينما نقضوا عليَّ قولي بأن وضع اليُمنى على اليسرى في القيام الثاني بدعة، كيف أنت تقول بدعة والشيخ الفلاني يقول هذا سنة والشيخ الفلاني، إذًا عندي مبتدعة، عرفتم الجواب الآن؟ أنه هؤلاء ليسوا مبتدعة، لكن هذا فهم على الأقل في نقلي وفي وجهة نظري هو بدعة.

نعود الآن إلى أثر أبي هريرة، أولا: نقول ليس في النص ما يُشْعِر فضلا عن أن يكون فيه ما يدل على أن أبا هريرة جعل ذلك دَيْدَنُه وهَدْيُه كما يقال، أي كما أن الخطباء يخطبون يوم الجمعة، وكما أن المدرسين اليوم يدرسون يوم الجمعة قبل الصلاة، ليس في الأثر ما يَدُل على أن أبا هريرة كان جعل ذلك عادةً له.

بل وهذا هو الذي يغلب على ظني أنه كان يفعل ذلك؛ لأنه يرى حاجة ليعظ الناس في هذا الوقت؛ لأن العالم كما أنتم ترون اليوم مثلا خطيبنا أبي مالك جزاه الله خيرًا في كثير من الأحيان لا يتكلم بكلمة بعد الصلاة، في كثير من الأحيان يتكلم ويحض على الصدقة أو قد يكمل بعض النقاط التي طرقها في الخطبة، فهذا لأمر عارض، فلو قال لمثله إنه ابتدع، كل هذا يرد على أثر أبي هريرة، أما إن هذا الأمر إذا تصورنا فيه الاستمرارية في الموعظة وفي النصيحة، كما يفعلون اليوم، أما أن هذا بدعة فلا شك ولا ريب في ذلك، وإليكم البيان: أهل العلم يقولون إن قول الصحابي أو فعله حجة، إذا لم يكن له معارض، فهنا المعارضون كُثُر؛ ذلك لأنه من

<<  <  ج: ص:  >  >>