الثابت عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا دخلوا المسجد يوم الجمعة صلوا ما بدا لهم من ركعات حتى روي عن بعضهم أنه كان يصلي ثمان ركعات، فهذا هو الذي أمر به الرسول عليه السلام وحَضّ عليه في الأحاديث الصحيحة في قوله - صلى الله عليه وسلم - «من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبَكَّر وابتكر، ثم دنا من الإمام وصلى ما كتب الله له» وفي رواية «ما قُدِّر له إلا غفر الله له ما بينه وبين الجمعة التي قبلها».
إذًا: يوم الجمعة المسجد قبل الخطبة هو مجلس للعبادة الشخصية، من شاء لا بد من التحية من شاء زاد كما ذكرنا عن بعض الصحابة، صلى من النوافل ما كتب الله له، أو جلس يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أمر بذلك حينما قال في الحديث الصحيح:«أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة، فإن صلاتكم تبلغني» قالوا: كيف ذاك وقد أرمت؟ قال:«إن الله حَرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» أو جلس يقرأ سورة الكهف؛ لأن هذا أيضا من السنة كما هو معلوم.
إذًا قبل خطبة الخطيب يوم الجمعة، المسجد مجلس ذكر إنفرادي، هذا يصلي، هذا يقرأ القرآن، هذا يصلي على الرسول عليه السلام، فالذي يقوم ويعظ الناس ويعلمهم يُشاغب ويشوِّش على هؤلاء، وهذا بلا شك خلاف هذه السنة بل وخلاف قوله عليه الصلاة والسلام:«يا أيها الناس كُلُّكم يناجي رَبَّه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة».
فالشاهد إذًا: التدريس أو الوعظ بين يدي خطبة الجمعة فيه تشويش على هؤلاء المصلين، قد يأتي رجل والخطيب يخطب فيأمره أن يصلي ركعتين، قد يأتي ما قبل فيصلي هذا من هنا وهذا من هنا، والذي يُدَرِّس ابتداع في الدين يشوش على المصلين.
لذلك نحن نقول: أثر أبي هريرة على القاعدة التي ذكرناها آنفا في بعض المناسبات «التمس لأخيك عذرًا»، فنحن نلتمس لحافظ الصحابة أحفظ الصحابة لحديث الرسول أبو هريرة، نلتمس له عذرا، نقول لعله كان يبدو له عوارض، وليس ذلك رتيباً ولزاما، لا بد من ذلك.